شاهر النهاري

لظى الكورونا ومعادن الحكومات

الاثنين - 16 مارس 2020

Mon - 16 Mar 2020

يطيب للوعي المقارنة بين تفاعل حكومة وأخرى حيال نار الأزمات، لاستخلاص الشفافية والعمل الحريص المتفهم القوي الباحث عن تخطي الأزمات، دون خفاء أو تظاهر، ودون نشر للوهم والأيدولوجيات الغبية، ودون تحميل المواطن الثمن من راحته وصحته وأمنه ومعطياته.

والفكرة هنا تتجلى بكارثة انتشار فيروس الكورونا (كوفيد19)، وحصده لآلاف الأرواح عالميا، وتباين أفعال الدول حياله، خاصة أن المؤشرات تنذر بأن الوباء قد يستمر لسنة تشابه عام الرمادة.

وما فعلته دولة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان، وولي عهده محمد بن سلمان، لا يشابه مطلقا ما فعلته حكومة الملالي، غازلة الغيبيات في خيمة إيران، وهوادج تمدد أذرعها وسيطرة وهمها.

السعودية منذ البدء سارعت ببذل كل ما بيدها لحماية المواطن والمقيم على أرضها، بشجاعة اتخاذ القرارات الجريئة غير المسبوقة، وتطبيق الاشتراطات الصحية العالمية، بكل معرفة وتمكن.

شفافية سعودية وتبكير بقفل الحدود، وتعظيم الوعي الصحي، وتهيئة أماكن العزل والعناية الصحية والحرجة، وإيقاف العمرة والسياحة والتعليم، وتطهير الأماكن المقدسة، وإعادة المواطنين من الخارج، وسد المنافذ البرية، وإيقاف الرحلات الخارجية، وتعطيل التجمعات والمناسبات، ودون استغلال الحالة بزيادة أسعار، أو فرض ضرائب.

بينما رأينا العجب في انكشاف خيبات إيران، والتي لم تعترف بانتشار الوباء في مدنها ومراقدها، حتى أتى على أعداد هائلة من الشعب والزوار.

ولولا أن الفيروسات فتكت بقيادات إيرانية تدعي العصمة، لما تم الإقرار بوجود المرض، ولما توقفت عمليات التخلص من الجثث جماعيا بطرق لا إنسانية.

أيديولوجيات تصدير الثورة تعادي العلم، وتظل توهم البسطاء، بالحماية من الأوبئة طالما خنعوا ولمسوا ولحسوا وعانقوا، وأغمضوا أعينهم عن رؤية الأخطار الفعلية، وتحاشوا قوانين النظافة والوقاية الاحترازية.

بيانات المسؤولين الإيرانيين متناقضة متوهمة متعالية، تقلل من حجم الكارثة، وتزيد التعتيم على أعين المغيبين، والمرشد الأعلى يتهم أمريكا بصناعة الفايروس، وإرساله إلى طهران لتعطيل الانتخابات الإيرانية، وإلى قم ومشهد للتشكيك في بركاتها، ويقسم تابع لهم بأنه لن يتناول دواء أمريكيا، حتى ولو قتلته الكورونا، وآخر يراهن باستقالته من منصبه، لو ثبتت صحة نصف أو ربع أرقام المصابين، ولا يفعل!

ويتهم عقلاء إيران حكومتهم بإخفاء تعداد المصابين والقتلى المريع لصالح الانتخابات، ونفخا للريش، فترد الحكومة بوصفهم بالخونة.

اقتصاديا تعاظمت خسائر الشعب الإيراني بكل أنواعها، والحكومة تعلن عن اكتشاف علاج وهم للكورونا، لتثبت قدرتها وتحكمها، وتلجم أي حراك داخلي. خطر الوباء يعم إيران والتعمية تستمر، والسجناء السياسيون يغالبون الموت في زنازين الضيق والظلم والموت.

وبقية الشعب يجاورونهم في سجن يأس أعظم، لا يتلمسون فيه أيا من أبجديات الشفافية ولا الوعي، والرعاية الصحية، ولا العزل واحتواء الكارثة. حكومة الملالي تقوم بتكديس المصابين في الملاعب، وانتظار موتهم لتطويهم بالسواد، وتدفنهم جماعيا شهداء للوهم والتخلف.

ويكتشف العالم خدعة توريط زوار المراقد من دول الجوار الخليجي، دون ختم جوازاتهم، بنوايا اطلاقهم قنابل موقوتة وسط بلدانهم، وهذا ما حصل حرفيا. ويفاخر الإعلام الإيراني بهزلية، ويصور أفراد الحرس الثوري وهم يرشون الشوارع بالكيماويات، غير آبهين بسميتها على المارة.

صدقوني، إن لظى الأزمات العظمى يظهر معادن الحكومات، وهنالك فارق عظيم بين صلابة ومصداقية الذهب، وبين تسربات الزئبق وسط شقوق الخداع.

Shaheralnahari@