عبدالله المزهر

وباء الفشل..!

سنابل موقوتة
سنابل موقوتة

الأحد - 15 مارس 2020

Sun - 15 Mar 2020

كنت قد عقدت العزم ليله البارحة على أني سأكتب اليوم عن وباء «الدول الفاشلة» الذي اجتاح الكوكب قبل مجيء كورونا، وكانت هذه الدول هي الجنة التي كان يحلم بها كورونا وهو في طور النشأة.

ثم إني وجدت صباح اليوم خبرا مفاده بأن رجل دين إيرانيا بارزا ومقربا من المرشد الأعلى في «الجمهورية الإسلامية» يقول - بثقة يحسد عليها - إن ظهور وتفشي فيروس كورونا المستجد مقدمة لظهور الإمام المهدي المنتظر الذي يعتقد الشيعة بغيبته وظهوره آخر الزمان. وقال هذا العالم الجليل بأن انتشار الأمراض والوباء مثل فيروس كورونا مقدمة لظهور الإمام المهدي الغائب، وطلب من الإيرانيين - وملحقاتهم - بذل مزيد من الجهد والعمل بجدية أكثر على تفشي هذا الفيروس، لأن انتشار الوباء سيعجل بظهور المهدي.

ويمكن اعتبار هذا الكلام بداية الموسم الثاني من مسلسل عقيدة الخراب الإيراني. في الموسم الأول كان الاعتماد على نشر الفتن والاقتتال من أجل مساعدة المهدي، الذي ربما لم يقنعه العمل الإيراني في الموسم الأول، فاجتهد الإيرانيون في الموسم الثاني ووجدوا أن فيروس كورونا رسالة إلهية يجب أن تستغل بشكل كامل من أجل إنتاج موسم أفضل للجماهير المتعطشة للخراب.

وقد شاهدت مقطعا مصورا لطائرة عسكرية تقل مرضى يتم نقلهم من إيران إلى العراق، حيث يقوم الجيش هناك بمهمته التبشيرية في نشر المرض، وهؤلاء المرضى الذين يستقبلون بطريقة بدائية متعمدة بمثابة البذور التي يراد نشرها من أجل إقناع المهدي بأن الحياة قد وصلت إلى الحلقة الأخيرة وأنه لا بد من ظهوره.

وفي لبنان الذي هو أحد محاور الفشل الكوني العظيم، تسرح الطائرات الإيرانية وتمرح حاملة قوافل الذاهبين والعائدين بين بيروت والمدن الإيرانية الموبوءة، وتحرص ميليشيات حزب الله التي تحكم لبنان على عدم تعرض قوافل حجاج الوباء لأي تفتيش أو فحص من أي نوع، ولا أبالغ في ظنوني لو قلت إن الحزب الإلهي قد يعاقب من لم يصب بالفايروس من باب أنه فشل في مهمته التي انتدب من أجلها إلى «الجمهورية الإسلامية».

ثم إن مجرد تخيل طريقة التعامل مع هذا الوباء في سوريا الأسد أو يمن الحوثي يجعل الأمر مرعبا، فإيران وأدواتها تثبت للعالم بشكل يومي أنها خطر في كل مجال، اقتصاديا وعسكريا واجتماعيا وصحيا، وأصبح واضحا أن ضرر فشلها يتعدى حدودها إلى كل سكان الكوكب.

وعلى أي حال..

الفشل ليس نوعا واحدا، ومن أنواعه الأخرى التي تكون خطيرة في مثل هذه الأوقات الفشل المغلف بالفهلوة واللامبالاة، ويقود إعلام بعض الدول العربية الموجه هذا النوع بكل اقتدار، ومجرد مرور سريع على بعض البرامج ومشاهدة طريقة الحديث عن هذا الوباء يجعل المرء زاهدا في الحياة، لأنها لا تحتمل مع هذه الكمية الموجعة من الجهل المتعمد، خاصة حين يأتي من مكان يفترض أنه الأفضل والأسبق إلى العلوم والفنون والإعلام.

agrni@