شاكر أبوطالب

محنة كورونا والفرص المتاحة!

الاحد - 15 مارس 2020

Sun - 15 Mar 2020

الفرص تولد من رحم التحديات، جملة تتكرر كثيرا في عالم الحكومات والأعمال، لتعزيز النظرة الإيجابية في أشد الرياح الطارئة والمعاكسة لحركة النمو المتوقعة وفق الخطط المرحلية المبنية على المعطيات المبدئية ضمن الظروف الطبيعية.

خلال الفترة الحالية، ألقى الانتشار السريع لفيروس COVID-19 (المعروف بفيروس كورونا الصيني)، بظلاله على المعيشة وتفاصيل الحياة في الدول والمجتمعات التي سجلت حالات إصابة مؤكدة، وبالتالي أثر سلبيا في معظم الاقتصادات العالمية، وذلك فقط نتيجة المخاوف من تحوله من وباء إلى جائحة عالمية!

قررت العديد من الدول تعليق الدراسة وإغلاق المدارس والجامعات، ومنع السفر من وإلى قائمة الدول التي تتصدر إحصاءات منظمة الصحة العالمية، والحد من التجمعات البشرية بإلغاء عديد من الفعاليات الجماهيرية والعامة، بهدف إحكام السيطرة على انتشار الفيروس والحد من انتقاله بالعدوى نتيجة مخالطة المؤكد إصابتهم، واتباع عدد من الإجراءات الاحترازية، ومنها التطوع بالبقاء في المنزل، والحجر الصحي الاحتياطي، والعزل الطبي الإجباري.

ولأن الفرص لا تتكرر دائما، فإنه ينبغي استثمار تعليق السفر برا وجوا، في صيانة المنافذ الحدودية والمطارات والطرق، واستكمال تنفيذ المشاريع المتعثرة. وكذلك الاستفادة من تعليق الدراسة في صيانة المدارس وتطوير البيئة التعليمية، ومراجعة البنية التقنية للقطاع التعليمي لتحسينها، والبحث عن كل الفرص المتاحة لاستثمارها في بناء مجتمع حيوي.

ومع وجود أكثر من 100 حالة إصابة مؤكدة في السعودية، ودون تسجيل حالة وفاة واحدة، ولله الفضل والمنة، تتواصل دون كلل أو ملل كل الجهود الجبارة للكوادر الصحية وفرق العمل المؤلفة من وزارة الصحة وبقية الوزارات والهيئات المساندة، ابتداء من السفارات والبعثات الدبلوماسية السعودية في مختلف دول العالم، وحتى الممارسين الصحيين في غرف الطوارئ وأجنحة العناية المركزة والتنويم والعيادات الخارجية في المستشفيات التخصصية والمركزية والعامة، إضافة إلى مراكز الرعاية الأولية وبقية المرافق الصحية الخاصة.

ويدل كثير من المؤشرات أننا لا زلنا في بداية أزمة انتشار كورونا، وأنه ينبغي ضخ مزيد من المحتوى التوعوي بأهمية دور كل فرد في الحد من انتشار الفيروس، وضرورة الالتزام بكل الإجراءات الوقائية وملازمة البيت، وعدم الخروج إلا عند الحاجة القصوى الطارئة، خاصة مع ظن عدد ليس بالقليل بأن تعليق الدراسة إنما هو إجازة وفرصة للخروج والاجتماع مع الأهل والأصدقاء، ويتضح ذلك يوميا في محتوى وسائل التواصل الاجتماعي!

والأكثر خطورة في الحالة الراهنة هو استمرار عدد من السلوكيات المعززة لانتشار الفيروس، المستندة إلى الأنانية والمكابرة والإهمال، باختصار عدم تحمل المسؤولية والوفاء بواجبات المواطنة والإنسانية. اليوم الجميع في خندق واحد ضد عدو واحد، فلا مكان للتصنيفات ولا جدوى منها، فأي تخاذل أو تساهل يشكل خطرا على جميع البشرية.

إن التعليمات الوقائية التي تحث كل فرد على عدم مغادرة المنزل ورفع مستوى النظافة العامة والتركيز على غسل اليدين، والإفصاح عن وجهات السفر وأية أعراض مرضية، كل ما سبق ليس من قبيل زيادة الحرص، بل هو واجب إنساني على كل فرد يسير على هذه البسيطة، وسلوك شجاع للمساهمة في إنقاذ الناس وإعمار الأرض.

@shakerabutaleb