نسرين محمد عبدالسلام

مهزلة الرسائل الصحية والعلاجية

الثلاثاء - 10 مارس 2020

Tue - 10 Mar 2020

كثرت الوصفات المجهولة التي تعالج جميع الأمراض بشكل كبير ومقلق، وأستغرب من استشراء انتشارها بين الناس، ولم أستطع حتى الآن فهم الغرض من كتابتها. ربما من ينشرها يكون سببه السعي وراء الصحة، ولكن ما السبب وراء كاتبتها؟ هل الهدف الترويج أم التنفير من منتج معين؟ أو ربما يكون السبب سياسيا أو اقتصاديا أو تسويقيا أو.. أو.. أو.

أيما كان السبب في النشر أو الكتابة، فإن إعادة نشر هذه الرسائل بنظام «انشر تؤجر» يعتبر مهزلة يجب علينا إيقافها كمجتمع واع، لأنها تضر كثيرين.

أقترح على كل من يعيد النشر لهذه النوعية من الرسائل التالي: إن لم تكن متخصصا لا تعد النشر حتى تسأل متخصصا. تأكد أن أجرك في السؤال ونشر المعلومة الصحيحة أفضل من «الإثم» قصدي «الأجر» الذي سوف يلحق بك من نشر معلومة تضل بها الناس. وتذكر أن «من قال لا أعلم فقد أفتى»، خاصة في غير تخصصه.

تصلني يوميا العديد من الرسائل الواتسابية الصحية، ومتأكدة أنها تصلكم كذلك، معظمها إن لم يكن جميعها تكون من النوع السابق ذكره «انشر تؤجر بمعلومات مغلوطة». بعض هذه الرسائل استفزني جدا لدرجة دفعتني للكتابة التي أهملتها منذ شهور (ربما هذه هي الفائدة الوحيدة التي تحصلت عليها من هذه الرسائل). حتى لا أطيل عليكم سوف أحكي لكم عن محتوى بعض هذه الرسائل المتداولة باختصار.

رسالة حل مشكلة مرض كورونا ومرض السرطان

طبعا الغرض من الرسالة كان التالي: حل مشكلة كورونا والسيطرة على الوباء، إضافة لحل مشكلة مرض السرطان الخبيث والقضاء عليه. ولا أعرف ما هو الرابط العجيب بين الاثنين، ولكن أعتقد أن كاتب الرسالة أحب أن يضرب عصفورين بحجر أو قصدي برسالة واحدة، ويخلص العالم من كل ما يزعجهم. طبعا الرسالة مستفزه بسبب المعلومات المغلوطة الموجودة فيها، والتي تشمل أسماء وهمية ومعلومات غير صحيحة، لكن ما الهدف منها الله أعلم. ووالله إن قلبي ليحزن على الناس من جريرة هذه الرسائل عليهم. ورسالتي لناشر وكاتب الرسالة: هناك فرق كبير بين مرض السرطان وكورونا والإنفلونزا.

فالسرطان مرض خبيث جدا وليس إنفلونزا عابرة وعلاجه لا يكون بالليمون. ارحموا مرضى السرطان من هذه النصائح لأن البعض يتوقف عن العلاج ويتبع نصائح لا أصل علميا لها ولا فائدة. وبالمناسبة إضافة شرائح الليمون للماء الساخن لا تحوله إلى «ماء قلوي» كما جاء في الرسالة، إنما تجعله حامضيا، نظرا لحموضة الليمون، كما أن فيتامين سي الموجود في الليمون يفقد ميزته لأنه حساس جدا للضوء والحرارة، وأعتقد أن البروفيسور العظيم الذي كتب الرسالة في الأساس لا يفرق بين درجة الحموضة والقاعدية، ولم يدرسهما ولا يعرف خصائص الفيتامينات.

رسالة استخدام اللبن (الروب) للتتبيل عند الشواء وعلاقتها بمرض السرطان

وهذه الرسالة تحتوي على معلومة عجيبة مفادها بأنه عند استخدام اللبن لتتبيل اللحوم تتكون مادة مسرطنة من الدرجة الأولى. طبعا تم البحث عن بحوث علمية لمعرفة ما هي المادة المسرطنة من الدرجة «الأولى»؟! وما اسمها؟ وكيف تنتج من الكازين والسكر وبروتين اللحم؟! ولم يتم الوصول لأي شيء بهذا الخصوص، ولا حتى جمعيات السرطان لديهم خبر عن هذا الكلام. الرسالة لم تذكر مصدر هذه المعلومة الخطيرة، وهذا ضعف كبير عند نقل أي معلومة، خاصة إذا كانت حساسة. فليس كل ما يقال يصدق.

رسالة إردوغان والدقيق الأبيض

وهذه الرسالة بها «هُراء» كبير، حيث إنها تقول إن إردوغان منع الدقيق الأبيض في بلده لأنه يسبب قصر القامة وضعف المناعة والقولون وغيرها من الأمراض، والاستعاضة عنه بالشعير لأنه يحتوي على اللايسين. طبعا ليس هناك إثبات علمي أن هناك علاقة بين الدقيق الأبيض والأمراض السابقة. اللايسين المذكور في الرسالة هو أحد البروتينات الأساسية التي يجب أن نحصل عليها من الغذاء، ولا يصنعها الجسم، وهو مهم لامتصاص الكالسيوم ولروابط العظام وجوده ونضارة البشرة. ولكن مصدره الأساسي اللحوم والأجبان وليس الشعير. الشعير والحب يعدان مصدرين ضعيفين له.

ومعظم المصادر النباتية للأحماض الأمينية الأساسية مثل اللايسين وغيره تعتبر ضعيفة ولا تغطي الحاجة اليومية. ومع أن اللايسين مهم للجسم إلا أنه ليس مسؤولا عن طول الشخص أو تقزمه، فالطول يتحدد عبر عوامل عدة، مثل الوراثة، في حين تمكن التغذية الصحية الشخص من الوصول إلى أقصى طول تسمح به جيناته، ولكن لا توجد علاقة بين اللايسين وطول الشخص أو ضخامته.

نشر رسائل مثل الرسائل السابقة ربما يسبب الضرر للبعض ويظهرنا كمجتمع غير واع، فتوقفوا عن إعادة النشر وخذوا المعلومات من مصادرها. دمتم بصحة وعافية.