لا تخف ولا تستخف..!
سنابل موقوتة
سنابل موقوتة
الاثنين - 09 مارس 2020
Mon - 09 Mar 2020
... ثم يأتي مخلوق حقير صغير لا يمكن مشاهدته بالعين المجردة ليقول للبشر: لعله من المناسب أن تهدؤوا قليلا، وأن تعيدوا النظر في الحياة التي ترتكبونها. هذا العصر هو أكثر عصور الإنسان قسوة وتمردا وتكبرا وجبروتا، فكل شيء جائز وممكن ومتاح في سبيل التطور المادي الذي هو مقياس كل شيء. في عصور سحيقة حين اخترع الإنسان آلهة لكل شيء لم يكن يعطي تلك «الآلهات» ذات التقديس والإجلال الذي يمنحه اليوم للمادة. المادة اليوم آلهة كل شيء. والبشر في مجملهم عبيد لها عبودية مطلقة لا شريك لها في قلوبهم.
ولذلك تجد اليوم من يسخر من الدعاء واللجوء إلى خالق البشر والفايروسات، ويعتبر ذلك ضربا من الدروشة التي لا تليق بالإنسان في عصر العلم. وعلى الرغم من أن هذا أزهى عصور التقدم العلمي، وأقصى ما وصله الإنسان من استخدام لقدراته العقلية في سبيل الصناعة والابتكار، إلا أن هذا العقل الجبار لم يزد الإنسان في الجانب الروحي إلا تكبرا وعتيا وتغافلا عن حقيقة ضعفه «وإن يسلبهم الذباب شيئا لا يستنقذوه منه، ضعف الطالب والمطلوب».
وأرجو ألا يفهم بعض الذين يعانون من فرط في الذكاء أني ألمح إلى أنه لا أهمية للعمل بالأسباب، وأني لا أحلم أن نكون نحن في مثل هذه الأزمات من نصنع الحلول للبشرية، وأن يكون دورنا الحضاري يتعدى صناعة الخلطات والإشاعات ونشرها في الواتساب وبقية وسائل التواصل. وأن يأتي اليوم الذي لا نكتفي فيه بانتظار نتيجة أبحاث الآخرين واستيراد ما يصنعونه من دواء ومرض.
لكني أقول إن لكل أمر جانبا مشرقا مهما بدا أنه شديد الظلمة، فهذه الأزمة التي أوجدها الفايروس العابر للقارات فرصة لإعادة الحسابات، وأن يعرف الإنسان نفسه ويقترب منها أكثر، وأن يستطيع أن يبصر أن الحياة أقل وأتفه وأحقر من كل ما اعتقده عنها، وكل ما بذله في سبيلها. وأن كل شيء يمكن أن ينقلب رأسا على عقب بطريقة أسرع مما كان يعتقد أو يتوهم.
ومع كل هذا فإن الأمر ليس كارثيا ولله الحمد، والفايروس ليس خطيرا في حد ذاته، ولكن مكمن خطورته في سرعة انتشاره مما قد يتسبب في الضغط على المرافق الصحية بشكل قد يشل حركتها. ولذلك كانت طريقة مواجهته هي منع انتشاره، والخطوات التي اتخذت في السعودية تصب في هذا الاتجاه، وستنجح إن شاء الله.
وعلى أي حال..
لا تخف ولا تستخف، فالهلع غير مبرر وقد تكون آثاره وعواقبه أكثر من آثار الفايروس نفسه، وكذلك فإنه من السخف وانعدام المسؤولية الاستخفاف بالمرض وبالاحترازات التي تتخذ لمنع انتشاره، واعتبار تعليق الدراسة فرصة للذهاب لتجمعات بشرية أخرى، واعتبار الأمر أشبه بعيد وطني يستحق الاحتفال.
عش حياتك بطمأنينة وتسليم بأنه لن يحدث إلا ما كتب له أن يحدث، وابذل الأسباب التي تحميك من الآخرين وتحمي الآخرين منك. اعقلها وتوكل على الله، فلن تغادر الدنيا قبل أن تستنفد كامل رصيدك من الأنفاس والأيام التي منحك إياها خالقك لك قبل أن تأتي إليها.
agrni@
ولذلك تجد اليوم من يسخر من الدعاء واللجوء إلى خالق البشر والفايروسات، ويعتبر ذلك ضربا من الدروشة التي لا تليق بالإنسان في عصر العلم. وعلى الرغم من أن هذا أزهى عصور التقدم العلمي، وأقصى ما وصله الإنسان من استخدام لقدراته العقلية في سبيل الصناعة والابتكار، إلا أن هذا العقل الجبار لم يزد الإنسان في الجانب الروحي إلا تكبرا وعتيا وتغافلا عن حقيقة ضعفه «وإن يسلبهم الذباب شيئا لا يستنقذوه منه، ضعف الطالب والمطلوب».
وأرجو ألا يفهم بعض الذين يعانون من فرط في الذكاء أني ألمح إلى أنه لا أهمية للعمل بالأسباب، وأني لا أحلم أن نكون نحن في مثل هذه الأزمات من نصنع الحلول للبشرية، وأن يكون دورنا الحضاري يتعدى صناعة الخلطات والإشاعات ونشرها في الواتساب وبقية وسائل التواصل. وأن يأتي اليوم الذي لا نكتفي فيه بانتظار نتيجة أبحاث الآخرين واستيراد ما يصنعونه من دواء ومرض.
لكني أقول إن لكل أمر جانبا مشرقا مهما بدا أنه شديد الظلمة، فهذه الأزمة التي أوجدها الفايروس العابر للقارات فرصة لإعادة الحسابات، وأن يعرف الإنسان نفسه ويقترب منها أكثر، وأن يستطيع أن يبصر أن الحياة أقل وأتفه وأحقر من كل ما اعتقده عنها، وكل ما بذله في سبيلها. وأن كل شيء يمكن أن ينقلب رأسا على عقب بطريقة أسرع مما كان يعتقد أو يتوهم.
ومع كل هذا فإن الأمر ليس كارثيا ولله الحمد، والفايروس ليس خطيرا في حد ذاته، ولكن مكمن خطورته في سرعة انتشاره مما قد يتسبب في الضغط على المرافق الصحية بشكل قد يشل حركتها. ولذلك كانت طريقة مواجهته هي منع انتشاره، والخطوات التي اتخذت في السعودية تصب في هذا الاتجاه، وستنجح إن شاء الله.
وعلى أي حال..
لا تخف ولا تستخف، فالهلع غير مبرر وقد تكون آثاره وعواقبه أكثر من آثار الفايروس نفسه، وكذلك فإنه من السخف وانعدام المسؤولية الاستخفاف بالمرض وبالاحترازات التي تتخذ لمنع انتشاره، واعتبار تعليق الدراسة فرصة للذهاب لتجمعات بشرية أخرى، واعتبار الأمر أشبه بعيد وطني يستحق الاحتفال.
عش حياتك بطمأنينة وتسليم بأنه لن يحدث إلا ما كتب له أن يحدث، وابذل الأسباب التي تحميك من الآخرين وتحمي الآخرين منك. اعقلها وتوكل على الله، فلن تغادر الدنيا قبل أن تستنفد كامل رصيدك من الأنفاس والأيام التي منحك إياها خالقك لك قبل أن تأتي إليها.
agrni@