الذبابة الملعونة..!
الأحد - 08 مارس 2020
Sun - 08 Mar 2020
من أغرب الطلبات التي يطلبها مني أبنائي طلب ابني الأصغر أن يجرب حادثا مروريا، في كل مرة يكون فيها معي في السيارة يكرر الطلب وهو يضحك «خلنا نصدم»، وأشاركه الضحك ثم أحاول أن أشرح له أن تحقيق طلبه قد يعني وفاته أو إصابته، وفي كل مرة يرد «طيب خلنا نجرب».
يبدو طلبا غريبا مع أنه من طفل لم يبلغ الخامسة من العمر بعد، ولكن تخيل أن هذا الطلب الطفولي لا يختلف كثيرا عن أمنية بعض الدول المجاورة للسعودية. أقرأ آراء وتحليلات تسير في هذا الاتجاه الأحمق، ومتبني مثل هذه الفكرة ربما لا يدرك أن وجوده مرتبط ومرهون بوجود السعودية.
من الطبيعي أن يكون للسعودية محبون وكارهون، وأن يكون هناك من يتمنى أنها غير موجودة على الخارطة، وقد يكون متفهما أن يفرح بعيد بمكروه يصيبها، أو أن يمارس شيئا من الشماتة حين تمر بأزمة طارئة، لكن حين يكون الابتهاج بكل خبر أو إشاعة سيئة تتعلق بالسعودية هو ديدن أولئك الذين يرتبط وجودهم ومصيرهم بوجود المملكة ومصيرها فإن الأمر يبدو مزيجا من الغباء والسذاجة وقصر النظر.
ومن أشكال العبط التي لم يجد العلم لها حلا ملائما حتى هذه اللحظة، أن هناك من يعتقد أنك بمجرد أن تنتقد تصرفا ما أو تمتعض من قرار حكومي، أو لا يعجبك توجه بعينه، أو تسخر من فكرة تتبناها الحكومة، فإنك بالضرورة سيسعدك كل خبر سيئ وستطير بكل إشاعة تسمعها. وكأن هذا الوطن ليس حياتك ومماتك وملاذك الآمن، وليس مستقبل أبنائك الذي تريد أن يكون أجمل وأقوى.
قلت في مناسبات سابقة، وسأقول في مناسبات لاحقة ـ إن امتد بي العمر ـ بأني سأحب وطني، وأخشاه وأخشى عليه، وسأنتقد وأتكلم وأقسو على كل ما أراه من زاويتي يستحق القسوة، وسأتحمل تبعات كل ذلك، لكني سأبقى مؤمنا أن وطنا اجتاز كل تلك المحن وبقي صامدا سيبقى صامدا وقويا، وسيزداد يقيني بأن وطني الذي لم تؤثر فيه مؤامرات الكبار لن تضره ألاعيب الصغار، حتى وإن علا صوتهم. وسيمر الآتون كما مر من سبقهم.. وسيبقى وجه الوطن وضّاحا وثغره باسما.
وعلى أي حال..
وعودة على الكائنات المجاورة، فإنه يقال بأن الذباب الذي يحط رحاله على غرة حصان يراوده أحيانا شعور بأنه هو من يمسك بلجامه ويتحكم في وجهته. ومع أني لم ألتق بعد بذباب يمكنه شرح حقيقة شعوره، لكني رأيت في الواقع كائنات أكبر حجما من الذباب لديها مثل هذه القناعات.
agrni@
يبدو طلبا غريبا مع أنه من طفل لم يبلغ الخامسة من العمر بعد، ولكن تخيل أن هذا الطلب الطفولي لا يختلف كثيرا عن أمنية بعض الدول المجاورة للسعودية. أقرأ آراء وتحليلات تسير في هذا الاتجاه الأحمق، ومتبني مثل هذه الفكرة ربما لا يدرك أن وجوده مرتبط ومرهون بوجود السعودية.
من الطبيعي أن يكون للسعودية محبون وكارهون، وأن يكون هناك من يتمنى أنها غير موجودة على الخارطة، وقد يكون متفهما أن يفرح بعيد بمكروه يصيبها، أو أن يمارس شيئا من الشماتة حين تمر بأزمة طارئة، لكن حين يكون الابتهاج بكل خبر أو إشاعة سيئة تتعلق بالسعودية هو ديدن أولئك الذين يرتبط وجودهم ومصيرهم بوجود المملكة ومصيرها فإن الأمر يبدو مزيجا من الغباء والسذاجة وقصر النظر.
ومن أشكال العبط التي لم يجد العلم لها حلا ملائما حتى هذه اللحظة، أن هناك من يعتقد أنك بمجرد أن تنتقد تصرفا ما أو تمتعض من قرار حكومي، أو لا يعجبك توجه بعينه، أو تسخر من فكرة تتبناها الحكومة، فإنك بالضرورة سيسعدك كل خبر سيئ وستطير بكل إشاعة تسمعها. وكأن هذا الوطن ليس حياتك ومماتك وملاذك الآمن، وليس مستقبل أبنائك الذي تريد أن يكون أجمل وأقوى.
قلت في مناسبات سابقة، وسأقول في مناسبات لاحقة ـ إن امتد بي العمر ـ بأني سأحب وطني، وأخشاه وأخشى عليه، وسأنتقد وأتكلم وأقسو على كل ما أراه من زاويتي يستحق القسوة، وسأتحمل تبعات كل ذلك، لكني سأبقى مؤمنا أن وطنا اجتاز كل تلك المحن وبقي صامدا سيبقى صامدا وقويا، وسيزداد يقيني بأن وطني الذي لم تؤثر فيه مؤامرات الكبار لن تضره ألاعيب الصغار، حتى وإن علا صوتهم. وسيمر الآتون كما مر من سبقهم.. وسيبقى وجه الوطن وضّاحا وثغره باسما.
وعلى أي حال..
وعودة على الكائنات المجاورة، فإنه يقال بأن الذباب الذي يحط رحاله على غرة حصان يراوده أحيانا شعور بأنه هو من يمسك بلجامه ويتحكم في وجهته. ومع أني لم ألتق بعد بذباب يمكنه شرح حقيقة شعوره، لكني رأيت في الواقع كائنات أكبر حجما من الذباب لديها مثل هذه القناعات.
agrni@