شاكر أبوطالب

التطوير الذي لا يهدأ!

الاحد - 08 مارس 2020

Sun - 08 Mar 2020

التطوير المستمر لمنظومة العمل في حكومة المملكة العربية السعودية، هو العنوان الأبرز للمرحلة الحالية بقيادة الملك سلمان بن عبدالعزيز، وولي عهده الأمير محمد بن سلمان.

يستمد هذا التطوير قوته من توفر الرغبة والقدرة لدى القيادة السعودية، لرسم مستقبل أفضل للمملكة يتناسب ومكانتها ومكامن قوتها، عبر الارتقاء بالقدرات البشرية لاستثمار الإمكانات المتاحة والفرص الواعدة التي تضمنتها (رؤية 2030م) لبناء وطن طموح، مجتمعه حيوي، واقتصاده مزدهر.

يحمل هذا التطوير المتواصل جملة من الملامح، أبرزها: زيادة كفاءة فريق العمل، والحد من البيروقراطية، ومراجعة هيكلة منظومة العمل، والالتزام برؤية استراتيجية شاملة، وإعادة اكتشاف الإمكانات وتحديد الفرص الاستثمارية، وتطوير مؤشرات الأداء والتقويم بصورة دورية، وتوجيه الإنفاق وربطه بالأهداف والمشاريع، وتسريع وتبسيط إجراءات العمل، وتعزيز ثقافة التغيير والمبادرة والتنافسية.

ويستهدف هذا التطوير إحداث نقلة نوعية في بيئة العمل الحكومي، من خلال رفع كفاءة الأداء ومستوى التنسيق والتعاون وتكامل الأدوار، وتجنب الازدواجية والتعارض في العمل، ومواكبة التطورات والمتغيرات المتسارعة التي تطرأ في مختلف القطاعات، حيث جاءت الخطوة الأولى في مسيرة التطوير بإلغاء 12 جهزا حكوميا، كانت تعمل كجزر منفصلة، في مقابل ذلك تم إنشاء مجلسين يرتبطان تنظيميا بمجلس الوزراء، هما: مجلس الشؤون السياسية والأمنية، ومجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية، يرأسهما حاليا ولي العهد، وأعضاؤهما من أعضاء مجلس الوزراء.

ومن مظاهر التطوير المستمر مراجعة هيكلة الوزارات ومهامها ومسمياتها، ومن ذلك دمج وزارة التعليم العالي، والتربية والتعليم في وزارة واحدة باسم (وزارة التعليم)، لتوحيد الاستراتيجية والعمل في واحد من أهم المجالات التي تتحكم في صناعة المستقبل، وتم فصل وزارة الطاقة عن وزارة الصناعة والثروة المعدنية، واستحداث ثلاث وزارات جديدة للسياحة والاستثمار والرياضة، وجميعها كانت هيئات، وتغيير مسمى وزارة العمل والتنمية الاجتماعية إلى وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية.

ويشير تعاقب التغييرات داخل الفريق الوزاري إلى عدد من الأمور، في مقدمتها: جدية المتابعة للتقدم المحرز بناء على مؤشرات الأداء المعتمدة مسبقا، والخاضعة للمراجعة والتقويم بشكل دوري. ومحاولة تجاوز التحديات التي تقف أمام تنفيذ بعض برامج الرؤية ومبادراتها، وإيجاد الحلول لأهم الملفات الاقتصادية والتنموية، مثل: الإسكان، وجذب الاستثمارات، وتفعيل قطاعات الترفيه والثقافة والسياحة، وغيرها.

ومن الأمور المستجدة في العهد الحالي، ارتباط بقاء الوزير بقدرته على الإنجاز، وتجاوز مؤشرات الأداء، وتقديم إضافة نوعية للخدمات التي تقدمها الوزارة. في فترة سابقة، الغالب هو استمرار الوزير لفترة ليست بالقصيرة، خاصة الوزارات السيادية. وعادة ما يخضع الوزير الجيد لعملية تدوير محدودة، بالانتقال من وزارة إلى أخرى بهدف الاستفادة من قدراته لتطوير الأداء في مجال آخر.

كما تميزت الفترة الحالية أيضا بتكليف أكثر من وزير بإدارة وزارة أخرى إلى جانب إدارة وزارته، ومن ذلك وزارات: الشؤون البلدية والقروية، والإعلام، والاقتصاد والتخطيط، ربما في إشارة إلى عدم توفر مرشح مناسب، أو ربما تمهيدا لإلغاء الوزارة لانتفاء الحاجة إليها، وتوزيع مهامها على وزارات أخرى تعزيزا لتطوير العمل.

ختاما، التطوير المستمر منهجية عمل يجب تعزيزها وحمايتها، فالجمود يصوغ قوانينه التي تحافظ عليه، ويصنع منطقته المحرمة التي تمنع أي محاولة للتطوير.

@shakerabutaleb