أحمد الهلالي

إحدى عشرة نجمة في سماء الثقافة السعودية!

الثلاثاء - 03 مارس 2020

Tue - 03 Mar 2020

كنت أراقب المشهد منذ حفل وزارة الثقافة وإعلان رؤيتها، وكلما قررت الكتابة عن الأمر، قلت لنفسي ما يزال الوقت مبكرا، والتريث لاستجلاء صورة كاملة أفضل من التوقف عند جزئيات ما تزال الوزارة تؤلفها في لوحة المشهد الثقافي، حتى إعلان اعتماد المقام السامي لإحدى عشرة هيئة ثقافية، أشعرتني بأن مستقبل الثقافة السعودية مبشر، وخطواتها المعلنة تنبئ عن حراك ثقافي شامل يخرج الثقافة إلى مفهومها العام، المسؤول عن رسم ملامح (الثقافة السعودية) بتفاصيلها وملامحها المميزة، وهذا ما كنا ننتظره من أمد بعيد، فثقافتنا هي القوة الناعمة الأولى التي غاب حضورها الفاعل عن تشكيل صورتنا الحقيقية داخليا وخارجيا.

وزارة الثقافة بذاتها ثمرة كبرى من ثمار رؤية 2030 المباركة، وهدية عظيمة من خادم الحرمين الشريفين، سرني كثيرا إعلانها للهيئات الإحدى عشرة مؤخرا، وكل هيئة تنهض بملمح من قسمات شخصيتنا الثقافية، فالآداب والنشر والمسرح والموسيقى والآثار والأزياء والطهي والسينما والعمارة والفنون والمتاحف والمكتبات كلها ركائز ثقافية أساسية، يجهل حجمها وتنوعها وتميزها المواطنون، فما بالنا بالآخر الذي لا يعرف عن بلادنا إلا معلومات نمطية سطحية.

التفاؤل والحماسة والاستبشار لازمتني منذ إعلان انفصال الثقافة عن الإعلام، وزادت بإعلان هذه الهيئات، وتعاظمت بمراجعة القيادة الحثيثة لأداء وزارة الإعلام، وحرصها على إخراج هذه الوزارة من عزلتها وضعف أدائها إلى منطقة الفعل الحقيقية التي تبرز كنوزنا الثقافية العظيمة، وتجلو الغبش عن صورتنا الحقيقية الناصعة، وما نملكه من مقدرات تاريخية ومكانية وإنسانية عظيمة، كانت مغيبة، وحين أشرقت شمس الإعلام الجديد ظهرت بإدهاش وإبهار!

وعلى كل ما تقدم، فإننا ننتظر الآلية التي ستعمل بها هيئات الثقافة الجديدة، ولعل أهم ما ننتظره ألا تعمل كل هيئة بمعزل عن الهيئات الأخرى، فإن كانت أعمالها تتكامل، والتقاطعات بين اختصاصات الهيئات واردة، وهذه النقطة تحديدا تحتاج إلى عناية وزارة الثقافة في ضبط إيقاعها، ومد الجسور، وترسيخ ثقافة التعاون بين الهيئات منذ اللبنة الأولى، فانضواؤها تحت الوزارة لا يكفي.

ومن جهة أخرى، لعل اجتماعات وزيري الثقافة والتعليم حجر أساس لفعل ثقافي شامل، فالتعليم ركن أساسي في صناعة الفعل الثقافي، سواء على المستوى العام أم التعليم الأكاديمي، وهذا أيضا ما يجب أن تفرضه الوزارة على الهيئات؛ لتظل عرى التعاون والتبادل والإثراء متينة بينها وبين التعليم، فالبيئة التعليمية بحاجة إلى منتجات الهيئات، والهيئات محتاجة إلى المواهب التي يضخها التعليم بمستوياته، وبحاجة إلى الكليات والأكاديميات في التدريب والتطوير، والرصد والدراسات للتحولات الثقافية، وتأمل المنتج الثقافي، وتقييم الحراك، وليست وزارة الثقافة غافلة عن هذا، لكن استقلالية الهيئات تحت مظلة الوزارة الإشرافية، دفعتني إلى التذكير والتنبيه، ومثل ذلك التعاون مع وزارة التعليم، تحتاجه الثقافة مع وزارة الإعلام التي نترقب أن تخلع عباءتها البيروقراطية القديمة، وتشرق بوجه عصري يهتم بتفاصيل التفاصيل في رسم هويتنا الوطنية والثقافية ومقدراتنا للداخل والخارج.

ahmad_helali@