الأولة في الغرام..!
سنابل موقوتة
سنابل موقوتة
الاثنين - 02 مارس 2020
Mon - 02 Mar 2020
كنت قد دخلت في خصومات مع بعض من تقاطعت طرقي وطرقهم في الحياة، ولقد نسيت بعضهم ولم أعد أذكر ملامحه، وآخرون أتذكرهم بين الفينة والأخرى، وأجد أنه يستحيل أن أتقبل وجودهم في حياتي مرة أخرى، ثم إن بعض المصلحين قد تحدثوا معي ومع بعض من دب الخلاف بيني وبينهم وباءت جهودهم بالفشل الذريع، لأننا مقتنعون أن بعض الأشياء حين تنكسر فإنها لا تصلح بعد ذلك أبدا. وأن الصلح قد لا يستفاد منه سوى إعادة إحياء أمور خير لها أن تموت، والنفوس لن تتغير ولن تتبدل حتى وإن أظهر بعضنا لبعض وجها مبتسما مزيفا.
وقد تعايشت مع هذا الأمر واعتبرته ملفا منتهيا والعودة للحديث عنه أمر يعد من «نقصان العقل»، لكن الحياة ما فتئت تفاجئني بين الفنية والأخرى وتصيب قناعاتي في مقتل، فقد رأيت ـ كما رأيتم ـ وفدا من طالبان يوقع اتفاقا مع أمريكا بطلب من أمريكا شخصيا، وسمعت ـ كما سمعتم ـ الرئيس الأمريكي وهو يمتدح شجاعة وبسالة طالبان، وأنهم قوم ولدوا ليكونوا مقاتلين لا يجدون متعتهم سوى في ساحات الوغى، وأنهم سيحاربون الإرهاب تماما كما تفعل أمريكا التي وجدت أخيرا ذلك القاسم المشترك بينها وبين حبها الجديد.
ولم يكن سيفاجئني لو أنشد ترمب: (والخصام والغدر وليالي الأسية كل دول ميهونوش حبك عليا، واللي جوا القلب كان في القلب جوا، روحنا وتغيرنا إحنا الا هوّا).
ثم إني قد تفكرت وتذكرت أن المشكلة بينهما فيها دماء وقتل وتنكيل متبادل، وأن كلا منهما قد أذاق الآخر مرا وعلقما، وقارنت هذا بمشاكلي وخصوماتي التي لا زلت مصرا على أنها صفحات قد طويت ولن أعود لفتحها، فوجدت الأمر محرجا بعض الشيء.
ربما أجد مخرجا من هذا الحرج بأن كل خصوماتي ناعمة وقصة الحب التي تعيشها أمريكا هذه الأيام مع عدو الأمس مبنية على القوة، فأمريكا تحب الأقوياء وتركب الضعفاء في كل مكان وزمان، والخصومات الناعمة التافهة أطول عمرا من الخصومات التي تسيل فيها الدماء.
وربما يكون مرد ذلك إلى أن الخصومات التي يقع فيها الاقتتال وإراقة الدماء تكون العداوة فيها واضحة وأسبابها واضحة، والوضوح يولد شيئا من الاحترام المتبادل بين الخصوم مهما بلغ حد اختصامهم. على العكس من الضبابية والغموض والتلون في العلاقات والاختصام الذي لا حرب فيه ولا قتال، وهذا يولد شيئا من الاحتقار المتبادل بين الخصوم.
وعلى أي حال..
من الجميل أن نتعلم أن نحب ونكره بناء على ما نعتقد نحن وليس بناء على ما يطلبه ساسة هذا الكوكب، فالمحبة والكراهية أمران قلبيان لا يصح أن تؤثر فيهما السياسية التي تقوم على تبادل المنافع والمصالح، ففي عالم السياسة لا تفاجأ حين تشاهد الذين يختصمون اليوم وهم يتعانقون أمام الكاميرات غدا، والذين يتعانقون اليوم وهم يتبادلون الشتائم غدا. اصرف مشاعرك ومحبتك وكراهيتك لمعارفك الشخصيين الذين تلتقيهم ويمكن أن تشتمهم ويشتموك بشكل مباشر، أو تخبرهم بمحبتك لهم وتسمع ثناءهم عليك بأذنك، وفر غضبك لجارك الذي يسرق موقفك، أو لـ«خويك» الغشيم في البلوت، واصرف محبتك لأصدقائك وأهل بيتك فذلك أجدى وأنفع.
agrni@
وقد تعايشت مع هذا الأمر واعتبرته ملفا منتهيا والعودة للحديث عنه أمر يعد من «نقصان العقل»، لكن الحياة ما فتئت تفاجئني بين الفنية والأخرى وتصيب قناعاتي في مقتل، فقد رأيت ـ كما رأيتم ـ وفدا من طالبان يوقع اتفاقا مع أمريكا بطلب من أمريكا شخصيا، وسمعت ـ كما سمعتم ـ الرئيس الأمريكي وهو يمتدح شجاعة وبسالة طالبان، وأنهم قوم ولدوا ليكونوا مقاتلين لا يجدون متعتهم سوى في ساحات الوغى، وأنهم سيحاربون الإرهاب تماما كما تفعل أمريكا التي وجدت أخيرا ذلك القاسم المشترك بينها وبين حبها الجديد.
ولم يكن سيفاجئني لو أنشد ترمب: (والخصام والغدر وليالي الأسية كل دول ميهونوش حبك عليا، واللي جوا القلب كان في القلب جوا، روحنا وتغيرنا إحنا الا هوّا).
ثم إني قد تفكرت وتذكرت أن المشكلة بينهما فيها دماء وقتل وتنكيل متبادل، وأن كلا منهما قد أذاق الآخر مرا وعلقما، وقارنت هذا بمشاكلي وخصوماتي التي لا زلت مصرا على أنها صفحات قد طويت ولن أعود لفتحها، فوجدت الأمر محرجا بعض الشيء.
ربما أجد مخرجا من هذا الحرج بأن كل خصوماتي ناعمة وقصة الحب التي تعيشها أمريكا هذه الأيام مع عدو الأمس مبنية على القوة، فأمريكا تحب الأقوياء وتركب الضعفاء في كل مكان وزمان، والخصومات الناعمة التافهة أطول عمرا من الخصومات التي تسيل فيها الدماء.
وربما يكون مرد ذلك إلى أن الخصومات التي يقع فيها الاقتتال وإراقة الدماء تكون العداوة فيها واضحة وأسبابها واضحة، والوضوح يولد شيئا من الاحترام المتبادل بين الخصوم مهما بلغ حد اختصامهم. على العكس من الضبابية والغموض والتلون في العلاقات والاختصام الذي لا حرب فيه ولا قتال، وهذا يولد شيئا من الاحتقار المتبادل بين الخصوم.
وعلى أي حال..
من الجميل أن نتعلم أن نحب ونكره بناء على ما نعتقد نحن وليس بناء على ما يطلبه ساسة هذا الكوكب، فالمحبة والكراهية أمران قلبيان لا يصح أن تؤثر فيهما السياسية التي تقوم على تبادل المنافع والمصالح، ففي عالم السياسة لا تفاجأ حين تشاهد الذين يختصمون اليوم وهم يتعانقون أمام الكاميرات غدا، والذين يتعانقون اليوم وهم يتبادلون الشتائم غدا. اصرف مشاعرك ومحبتك وكراهيتك لمعارفك الشخصيين الذين تلتقيهم ويمكن أن تشتمهم ويشتموك بشكل مباشر، أو تخبرهم بمحبتك لهم وتسمع ثناءهم عليك بأذنك، وفر غضبك لجارك الذي يسرق موقفك، أو لـ«خويك» الغشيم في البلوت، واصرف محبتك لأصدقائك وأهل بيتك فذلك أجدى وأنفع.
agrni@