كفاية تحرش أترضاه لأمك؟
الاثنين - 02 مارس 2020
Mon - 02 Mar 2020
بحثت عن إحصاءات دقيقة ومعلنة عن حالات التحرش لدينا فلم أجد، باستثناء مصادر نقلت لصحيفة عكاظ أن إجمالي قضايا التحرش التي تلقتها المحاكم وصلت (1828) خلال عام 1438هـ، وهو عدد كبير ومؤشر خطير على ظاهرة التحرش، واليوم وبشكل يثير الاشمئزاز نشاهد ونسمع كل يوم عن حالات تحرش بين الشباب والفتيات، مما يجعلها هاجسا مرعبا لمجتمعنا بعقيدته وقيمه وعادته وتقاليده، وما يترتب على هذه الظاهرة من إيذاء جسدي ونفسي كبير.
وقد أقرت المملكة قانونا للتحرش، وصنفته كجريمة تستحق أقصى العقوبات، وعرفته بأنه «كل قول أو فعل أو إشارة ذات مدلول جنسي يصدر من شخص اتجاه أي شخص آخر يمس جسده أو عرضه أو يخدش حياءه بأي وسيلة كانت بما في ذلك وسائل التقنية».
وهي ظاهرة تحدث من الشباب تجاه الفتيات والعكس كذلك وإن كان بنسب أقل. وحتى الساعة لم نوفق بشكل كبير في مواجهة هذه الظاهرة والحد منها بشكل عقلاني يتناسب وطبيعة حياة الشباب ونمط حياتهم ووسائل تواصلهم وأساليب تعلمهم وتربيتهم، رغم وضوح مسبباتها، والتي من أهمها ضعف مستوى التربية في الأسرة والمؤسسات التربوية الرسمية وغير الرسمية، في ظل تعدد مصادر التلقي وصعوبة السيطرة عليها، واختيار ما يتناسب مع متطلبات التربية المعاصرة، والانغلاق الاجتماعي لفترة طويلة من الزمن، وعدم الوعي الكافي بطبيعة العلاقة بين الجنسين، وأدوارهما المشتركة في إعمار الحياة وفق قوانينها المعتبرة شرعيا واجتماعيا، والفهم القاصر للتحولات المعاصرة في وطننا ومضامين الحرية على وجه العموم، والعادات والتقاليد البالية في التمييز بين الشاب والفتاة في التربية، وربط العيب بممارسات الفتيات دون الشباب بدرجة كبيرة، والانفتاح العالمي ووسائل التواصل الحديثة التي حولت العالم إلى عالم الجهاز الواحد والتأثر الكبير بالسلوكيات السلبية نتيجة لضحالة الثقافة.
ولكي نحد من ظاهرة التحرش السيئة اجتماعيا وأخلاقيا يجب عدم التساهل في تطبيق قانون التحرش وقانون الذوق العام على حالات التحرش، إضافة إلى منظومة من القيم والسياسات والإجراءات التي تشترك فيها كثير من المؤسسات الحكومية والخاصة والتطوعية وخاصة المؤسسات التربوية، أهمها التوعية المكثفة بخطورة ظاهرة التحرش والتعامل معها كسلوك بغيض ومشين، مع توضيح طرق مواجهته وعلاجه والشجاعة في التبليغ عنه للجهات المسؤولة.
ويجب التمسك بنصوص القرآن الكريم والسنة النبوية الصريحة وتربية الشباب والفتيات على ذلك، قال الله تعالى «يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن، ذلك أدنى أن يعرفن فلا يؤذين»، وهي دعوة ربانية مباشرة لتغطية الرأس والبدن؛ ومضمون حديث الرسول صلى الله عليه وسلم مع الفتى الشاب الذي أتى إليه ليستأذنه في الزنا، فزجره القوم، وقال له الحبيب المصطفى، أتحبه لأمك، قال: لا والله، قال: أتحبه لابنتك، قال: لا والله يا رسول الله، جعلني الله فداءك، قال: ولا الناس يحبونه لبناتهم، إلى آخر الحديث، فوضع يده على الفتى، وقال: اللهم اغفر ذنبه، وطهر قلبه، وحصن فرجه، فلم يكن بعد ذلك الفتى يلتفت إلى شيء.
وأهمية تطوير مجلس شؤون الأسرة رغم حداثته، وتوسيع نشاطاته وتضمينه مركز معلومات وطنيا خاصا بشؤون الأسرة، لرصد وتوثيق وتسجيل حالات التحرش والتعامل مع تلك الممارسات بطريقة علمية من قبل المتخصصين في مجالات التربية والسلوك، مع إنشاء مراكز للعلاج السلوكي لحالات التحرش إذا لزم الأمر في مختلف مناطق المملكة، وتعزيز دور الأسرة كأهم مؤسسة تربوية في إعداد النشء من خلال تأسيس قنوات تواصل متطورة ومستمرة بينها وبين مؤسسات التعليم العام والعالي.
وضرورة التعجيل بتصميم منهج تعليمي تربوي مناسب لكل مرحلة من مراحل التعليم العام والجامعي، يتضمن مفاهيم التحرش وأسبابه وكيفية مواجهته وقوانين مواجهته، واستحداث برامج إعلامية ذات محتوى هادف للحد من ظاهرة التحرش وتعزيز وسائل إعلام المؤسسات التربوية ودعمها بما يمكنها من تقديم رسالتها التربوية بفاعلية كبيرة والتوسع في القنوات الفضائية التعليمية والتربوية، وقيام المساجد بدورها التوعوي حول هذه الظاهرة بأسلوب جاذب للشباب ومن قبل متخصصين في علوم التربية بعيدا عن الخطباء التقليديين.
وأخيرا، نحتاج إلى صياغة ميثاق وطني يشارك في بنائه الشباب والفتيات بشكل خاص، يتضمن ترسيخ القيم الأخلاقية، ويحارب التصرفات الخادشة للحياء والكرامة، ويعزز قانون مكافحة التحرش والجهود الجماعية للحد من هذه الظاهرة الاجتماعية في الأماكن العامة وفي بيئات العمل وعلى وسائل التواصل الحديثة.
@drAlshreefTalal
وقد أقرت المملكة قانونا للتحرش، وصنفته كجريمة تستحق أقصى العقوبات، وعرفته بأنه «كل قول أو فعل أو إشارة ذات مدلول جنسي يصدر من شخص اتجاه أي شخص آخر يمس جسده أو عرضه أو يخدش حياءه بأي وسيلة كانت بما في ذلك وسائل التقنية».
وهي ظاهرة تحدث من الشباب تجاه الفتيات والعكس كذلك وإن كان بنسب أقل. وحتى الساعة لم نوفق بشكل كبير في مواجهة هذه الظاهرة والحد منها بشكل عقلاني يتناسب وطبيعة حياة الشباب ونمط حياتهم ووسائل تواصلهم وأساليب تعلمهم وتربيتهم، رغم وضوح مسبباتها، والتي من أهمها ضعف مستوى التربية في الأسرة والمؤسسات التربوية الرسمية وغير الرسمية، في ظل تعدد مصادر التلقي وصعوبة السيطرة عليها، واختيار ما يتناسب مع متطلبات التربية المعاصرة، والانغلاق الاجتماعي لفترة طويلة من الزمن، وعدم الوعي الكافي بطبيعة العلاقة بين الجنسين، وأدوارهما المشتركة في إعمار الحياة وفق قوانينها المعتبرة شرعيا واجتماعيا، والفهم القاصر للتحولات المعاصرة في وطننا ومضامين الحرية على وجه العموم، والعادات والتقاليد البالية في التمييز بين الشاب والفتاة في التربية، وربط العيب بممارسات الفتيات دون الشباب بدرجة كبيرة، والانفتاح العالمي ووسائل التواصل الحديثة التي حولت العالم إلى عالم الجهاز الواحد والتأثر الكبير بالسلوكيات السلبية نتيجة لضحالة الثقافة.
ولكي نحد من ظاهرة التحرش السيئة اجتماعيا وأخلاقيا يجب عدم التساهل في تطبيق قانون التحرش وقانون الذوق العام على حالات التحرش، إضافة إلى منظومة من القيم والسياسات والإجراءات التي تشترك فيها كثير من المؤسسات الحكومية والخاصة والتطوعية وخاصة المؤسسات التربوية، أهمها التوعية المكثفة بخطورة ظاهرة التحرش والتعامل معها كسلوك بغيض ومشين، مع توضيح طرق مواجهته وعلاجه والشجاعة في التبليغ عنه للجهات المسؤولة.
ويجب التمسك بنصوص القرآن الكريم والسنة النبوية الصريحة وتربية الشباب والفتيات على ذلك، قال الله تعالى «يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن، ذلك أدنى أن يعرفن فلا يؤذين»، وهي دعوة ربانية مباشرة لتغطية الرأس والبدن؛ ومضمون حديث الرسول صلى الله عليه وسلم مع الفتى الشاب الذي أتى إليه ليستأذنه في الزنا، فزجره القوم، وقال له الحبيب المصطفى، أتحبه لأمك، قال: لا والله، قال: أتحبه لابنتك، قال: لا والله يا رسول الله، جعلني الله فداءك، قال: ولا الناس يحبونه لبناتهم، إلى آخر الحديث، فوضع يده على الفتى، وقال: اللهم اغفر ذنبه، وطهر قلبه، وحصن فرجه، فلم يكن بعد ذلك الفتى يلتفت إلى شيء.
وأهمية تطوير مجلس شؤون الأسرة رغم حداثته، وتوسيع نشاطاته وتضمينه مركز معلومات وطنيا خاصا بشؤون الأسرة، لرصد وتوثيق وتسجيل حالات التحرش والتعامل مع تلك الممارسات بطريقة علمية من قبل المتخصصين في مجالات التربية والسلوك، مع إنشاء مراكز للعلاج السلوكي لحالات التحرش إذا لزم الأمر في مختلف مناطق المملكة، وتعزيز دور الأسرة كأهم مؤسسة تربوية في إعداد النشء من خلال تأسيس قنوات تواصل متطورة ومستمرة بينها وبين مؤسسات التعليم العام والعالي.
وضرورة التعجيل بتصميم منهج تعليمي تربوي مناسب لكل مرحلة من مراحل التعليم العام والجامعي، يتضمن مفاهيم التحرش وأسبابه وكيفية مواجهته وقوانين مواجهته، واستحداث برامج إعلامية ذات محتوى هادف للحد من ظاهرة التحرش وتعزيز وسائل إعلام المؤسسات التربوية ودعمها بما يمكنها من تقديم رسالتها التربوية بفاعلية كبيرة والتوسع في القنوات الفضائية التعليمية والتربوية، وقيام المساجد بدورها التوعوي حول هذه الظاهرة بأسلوب جاذب للشباب ومن قبل متخصصين في علوم التربية بعيدا عن الخطباء التقليديين.
وأخيرا، نحتاج إلى صياغة ميثاق وطني يشارك في بنائه الشباب والفتيات بشكل خاص، يتضمن ترسيخ القيم الأخلاقية، ويحارب التصرفات الخادشة للحياء والكرامة، ويعزز قانون مكافحة التحرش والجهود الجماعية للحد من هذه الظاهرة الاجتماعية في الأماكن العامة وفي بيئات العمل وعلى وسائل التواصل الحديثة.
@drAlshreefTalal