شاهر النهاري

توحيد مدارس الإعلام السعودي

الاثنين - 02 مارس 2020

Mon - 02 Mar 2020

الإعلام صنعة متخصصة، يصعب نجاحها على من لا يملك الموهبة والإمكانات، ويخوضها لمجرد البحث عن الكسب، الذي لا روح فيه ولا وطنية، ولا دعم ولا منهجية وتميز.

الإعلام السعودي الداخلي كان يجد صعوبة في تخطي حدود الضيق المحلي حتى ذبل، وعلى عكس ذلك كانت مشاريع الإعلام السعودي الخارجية فاعلة في العقود الثلاثة الماضية، على المستويين المحلي والعربي، إن لم نقل العالمي، فبرزت مدارس عدة شجاعة، تركت الأثر الثقافي والإعلامي الواضح مثل مجموعة الشرق الأوسط، ومجموعة إم بي سي، وقنوات أي أر تي، ومجموعة روتانا، وعدد من مختلف الصحف والمجلات الأخرى.

مدارس إعلام سعودية خارجية، كانت متحمسة سباقة في الغربة والتأسيس وتنويع الإنتاج والاستثمار، لكنها ظلت تعاني من عدم استقرار المكان، الذي كان يضيق عليها في الداخل السعودي، ويصعب عليها في الخارج نتيجة قوانين ومتطلبات دولية، إضافة إلى تكاليف الإقامة والبث والتماهي مع سياسة الدولة التي يجري البث منها.

محطات اشتهرت وأبدعت ثم اختفت، ومحطات حاولت وترنحت، ومحطات استمرت وأكلت الجو، وقطفت الشهد وتصدرت.

وقد كان الإعلام العربي في تلك الفترة، متمثلا بإعلام مصر ولبنان والكويت يمر بالأدلجة في خضم الصحوة المزعومة، وضيق الآفاق، ومفارقات الكلمة والنهج، مما ساعد على ضعف الجميع، فيبرز الإعلام القطري، بمدرسة (ماء النار)، التي تحرق حتى وجه من يشعلها.

تأثير الإعلام السعودي الخارجي كان حاضرا في الفضاء العربي بقوة، مما جعله يتميز حتى باستقطاب المشاهدات والإعلانات، كون أموال السعودية وشعبها، هدفان قديمان متجددان لكل تجارة، وكل إعلام.

ومع الرؤية السعودية الجديدة، أصبح من الممكن تخطي أزمة المكان والفكر ومستويات الحرية المعتدلة، فبرزت في الإعلام الداخلي محاولات حثيثة، وتم تغيير قيادات إعلامية عدة، ولكن ذلك عجز عن بلوغ ما تعمله القنوات والصحف السعودية بالخارج.

بعض القنوات الإعلامية الخارجية عادت للداخل، والبعض ما يزال يفكر، كون الأجواء المحلية أصبحت متيسرة قادرة على الانفتاح واحتواء المستقبل، مما يبشر بقرب توطين جميع قنوات الإعلام السعودية المهاجرة داخليا، وتشجيع المنافسة الإبداعية، وتوسيع الميدان، وتقديم التسهيلات والدعم مع حفظ النهج والأصالة والأقدمية والتأثير.

وزارة الإعلام السعودية تحتاج لإعادة برمجة رؤيتها وهياكلها وإمكاناتها والأجواء في كينونتها، وربط الموجود من إعلام داخلي وخارجي، وحمايته، والمحافظة على المدارس الإعلامية العريقة، بكل تنوعاتها، وتذليل العقبات التي تواجهها، لتكوين واجهة سعودية موحدة متينة، مشبعة لكل الأذواق، في الثقافة والفكر والسياسة والوعي، والتجاوب السريع وعدم التقوقع خلف مناطق الحيرة، بمساعدتها على التقاط الحدس والحدث، ومعالجته بأشكال محترفة حرة، ومهما حدث من أخطاء في البدايات، طالما يمكن احتواؤها وتعديلها مع الوقت.

الدول العظمى تكون أو لا تكون بقدر وحجم وتأثير واجهاتها الإعلامية، وهنالك منافسات إقليمية وعالمية على جذب انتباه المواطن العربي، حيث حولت أغلب القنوات العالمية لغاتها لتتواصل مباشرة معه، مما يستدعي من الإعلام السعودي وضع ذلك نصب رؤيته ومجالات مده، وأن يسعى لتشييد صرح إعلامي ضخم موحد، يقف أمام المقابل ويزيد من ثبات القيمة الوطنية لنهجنا وإعلامنا ورؤيتنا.

وأسبقيتنا في ذلك المجال مضمونة، بوجود الخبرة ورؤوس الأموال، والقدرات البشرية لنخاطب العالم بكل الألسن، وننقل مفهومنا، وما نريد، وما نتوقع للعالم.

Shaheralnahari@