عبدالله المزهر

صحة الإشاعة وإشاعة الصحة..!

الأحد - 01 مارس 2020

Sun - 01 Mar 2020

أيام الأزمات أو الكوارث هي جنة صانعي الإشاعات، يجدون فيها بيئة خصبة وملائمة لتأليف أي شيء، لأن هذه الأيام لا يشترط فيها أن تكون الإشاعة «محبوكة» بشكل جيد، لأن السوق يقبل أي شيء، فالخوف يدفع الناس لتصديق كل ما يقال مهما بدا ساذجا وغريبا وغبيا وغير قابل للتصديق.

إن كنت صانع إشاعات مبتدئا فهذه فرصتك للدخول بقوة إلى هذا العالم الرحب والمجال الواعد، كل ما عليك أن تفعله في هذه الأيام أن تستلقي مسترخيا ثم تخرج هاتفك النقال وتقول بأنك رأيت بنفسك عشر حالات مصابة بفايروس كورونا ينقلون على سطحة إلى أحد المعتقلات خارج مدينة الرياض، وأن وزارة الصحة لا تخبر الناس بالحقيقة.

هذه إشاعة بسيطة وغير مكلفة ونسبة تصديقها عالية جدا، لكن يمكنك أيضا أن تكون أكثر خيالا وتقول بأنك أحد الموظفين الذين توكل إليهم مهمة إعدام مصابي كورونا في أفران الغاز في الظهران للحفاظ على عدم وجود للمصابين بالمرض في السعودية.

صحيح أن نسبة التصديق في هذه الإشاعة أقل قليلا لكن هذا الأمر ليس مقلقا، فالمهم في الإشاعة أن تجد من يصدقها بغض النظر عن النسبة والعدد، فالمهم في بعض الإشاعات هو الكيف وليس الكم. وستجد إشاعتك موجودة على قنوات إعلامية واسعة الانتشار مبدوءة بعبارة «يقول ناشطون» التي تعتبر ختم الجودة في عالم صناعة الإشاعة.

إن كنت محبا لهذه الصناعة ولكنك متردد في بدء الإنتاج، فيمكنك أن تبدأ بتكذيب الأخبار، وهذه فرصة مناسبة لخوض التجربة في هذه الأيام «الكورونية»، جرب مثلا حين تجد تصريحا لوزارة الصحة تتحدث عن هذا الوباء أن ترد عليهم في مواقع التواصل ردا مختصرا بسيطا يدل على أنك تعرف الحقيقة ولكنك تخاف من قولها، قل مثلا «تقولون هذا وأنتم تعرفون ماذا حدث بالأمس في مستشفى النمر الرمادي التخصصي، لكن حسبنا الله ونعم الوكيل».

هذا الرد أفضل من صناعة إشاعة لأن كثيرين سيتذكرون ردك أكثر من التصريح نفسه، ثم يؤلفون بأنفسهم قصصا خاصة بهم دون أن تحتاج لصناعة قصة بعينها.

وعلى أي حال..

والكورونا بالكورونا يذكر، فإنه لا بد من قول شكرا لوزارة الصحة، جهودها في هذا المجال تحديدا تذكر وتشكر وترفع لها الطاقية، سواء سجلت حالات في المستقبل أم لم يحدث إن شاء الله، فإن التعامل كان في أعلى درجات الاحترافية والحرص، سواء من ناحية الاحتياطات أو من ناحية التوعية أو حتى الاستعداد لمواجهة الأمر إن حدث، وأعرف عاملين في هذا القطاع وأبتهج كثيرا بما أسمعه منهم. وأسأل الله الشفاء لكل المصابين بهذا المرض وكل الأمراض في كوكبنا الأزرق العليل.

@agrni