شاكر أبوطالب

الإعلام يحجب الرؤية!

الاحد - 01 مارس 2020

Sun - 01 Mar 2020

ليس سرا الحكم الذي أطلقه وزير الإعلام المكلف الدكتور ماجد القصبي، بأن الأداء الإعلامي غير مرض، ولا يواكب تطلعات المواطن ونهضة الوطن. الوزير المكلف ذكر ذلك علانية أمام قيادات وزارة الإعلام ورؤساء الهيئات التابعة لها. التصريح لافت، وهو اعتراف مهم جدا، لكنه غير كاف! إذ لا بد من بدء عملية التصحيح والتطوير، فمعظم المختصين في الإعلام يدركون تماما أن وزارة الإعلام ووكالاتها وهيئاتها لن تستطيع توفير الخدمات والمنتجات الإعلامية المواكبة لرؤية 2030م.

غالبا ما يقف الكيان البيروقراطي والإدارة البطيئة عاجزين عن تحقيق الأهداف المطلوبة، ولذلك ينبغي الاستفادة من أبرز الوكالات العالمية ذات الخبرة الفنية الواسعة في مجال تطوير القطاع الإعلامي، ومراجعة منظومة وزارة الإعلام وإعادة هيكلتها، والاجتماع بفرق العمل في الهيئات التابعة لتصميم خطة عمل عاجلة لتنفيذ التطوير لجميع الأدوات الإعلامية الرسمية والخاصة في السعودية.

فإذا نظرنا إلى هيئة الإذاعة والتلفزيون، سنجد أن التلفزيون السعودي أدى أدوارا مهمة منذ التأسيس حتى منتصف التسعينات الميلادية، ولكن مع انطلاق القنوات التلفزيونية الفضائية، استمر التلفزيون السعودي في مساره دون التفات للجديد والمستحدث في الصناعة الإعلامية، حتى انتصف العقد الأول من الألفية الميلادية الحالية، ليبدأ مرحلة بطيئة من التحديث، انتهت بخصخصة مشوهة، سمحت للكوادر التقليدية غير المنتجة بالبقاء دون تبديل قناعاتها القديمة ومهاراتها المهترئة.

واليوم أمست القنوات التلفزيونية تشعرنا بأنها تسعى بجدية لمواكبة الخطوات السعودية في كل مجال، وتحاول في أحيان كثيرة إصلاح هيكلة برامجها العتيقة، وتحاول أحيانا مراجعة أدائها والتخطيط لتطوير الواقع لمستقبل أفضل. لكنها مع كل تلك المحاولات، يراها المسؤول والمواطن فاشلة دون منافسة، وعاجزة بشكل تام، وتسير بهمة إلى الخلف! وربما لاحظتم أنني لم أتطرق للقنوات الإذاعية، لأنني وبكل صراحة لا أستمع إليها!

شيء من التطوير الشكلي مسّ وكالة الأنباء السعودية، فغيرت ظاهر موقعها الالكتروني، وحسّنت مظهر حضورها في وسائل التواصل الاجتماعي، إضافة إلى الخدمات الإخبارية والمصورة التي تقدمها للمشتركين داخل المملكة وخارجها، والخدمات الإعلانية في الموقع الالكتروني للوكالة، ولكن دون تطوير جوهري للمحتوى الإخباري!

في المقابل، باتت المؤسسات الصحفية ضعيفة أكثر من أي وقت مضى، ولا بد من سياسة عمل جديدة تستند إلى أحدث مستجدات الأعمال في الصحافة العالمية، والاتجاه نحو دمج وتوحيد المؤسسات الصحفية في أقل عدد من الكيانات، تملك فيها وزارة الإعلام نسبة لا تتجاوز الثلث، لتصبح هذه الكيانات الجديدة قوية وذات ملاءة مالية، وتملك قدرات متنوعة في مختلف المجالات الإدارية والبشرية والتقنية والفنية، لتكون تحت إشراف الحكومة، وفي الوقت نفسه تعمل وفق مبدأي الإعلام المؤسسي والاقتصاد الحر.

مرت وزارة الإعلام بثلاث تجارب مختلفة في السنوات الخمس الأخيرة، تمثلت في تجربة قيادة الوزارة من خلال صحفي من أبناء المهنة لرفع الأداء ومستوى المهنية، ثم تجربة القيادة بوزير متخصص في العلوم الإدارية والمالية للدفع بخطوات التخصيص الإعلامي إلى مستويات مرضية. فتجربة القيادة من خلال وزير خبير في إدارة الإعلام الخاص، للانتقال بالإعلام الرسمي إلى العقلية التجارية وتفكير الأعمال. وفي انتظار نتائج تجربة قيادة الإعلام من خلال وزير مهندس، فلعل الرؤية تتضح!

@shakerabutaleb