عبدالحليم البراك

يا ليتني مدرب كرة قدم!

الاثنين - 24 فبراير 2020

Mon - 24 Feb 2020

هذه الأمنية ليست مرتبطة بأمنية الحصول على مرتبات وأجور مدربي كرة القدم العالية فحسب، بل حتى في تلك الأجواء التي يعيشونها، وظروف العمل المميزة، وإليكم التفاصيل:

المدرب بمجرد حضوره للخليج العربي يضمن وظيفته لمدة عشر سنوات مقبلة، وما إن ينجح في فريق إلا ويذهب إلى فريق آخر في خليجنا الغالي، ولا يمضي عشرة أعوام إلا ويمر على 17 ناديا خليجيا، فهو ينتقل من هنا إلى الإمارات إلى الكويت ثم يعود هنا مرة أخرى، فالأمان الوظيفي متوفر.

كما أنهم لا يفعلون شيئا سوى الوقوف على الخط، والصراخ في اللاعبين، ورغم أن صوتهم لن يصل ولن يصل يوما ما، إلا إذا كان عدد الجمهور لا يتجاوز جمهور ناد مغمور رغم أنه بالعاصمة، ومهما يكن من أمر، فالمستغرب أن المدرب يغضب ويوجه وهو في أول أسبوع له! وكلكم تستغربون معي، كيف لمن لم يمض وقتا معهم، كيف ينادي بأسمائهم وهو الأجنبي القادم لأول مرة للمنطقة العربية؟

تلغى عقود المدربين فيفوزون بالشرط الجزائي الذي يمتد لمرتب ثلاث سنوات، وهو يشبه إلى حد كبير مؤخر صداق بعض شهيرات السناب شات، تلك التي تشترط مليون ريال مهرا، ومليونا آخر مؤخرا!

كما أن ثمة سببا آخر يجعلني أحسد مدربي كرة القدم، وهو عدد المساعدين، فأحدهم للياقة، وآخر للحراس، وآخر يحضر الكرات من خارج الملعب، وآخر يضع البلاستيك للاعبين، حتى يكاد المدرب لا يفعل شيئا إلا الصراخ على الخط، أو الصراخ على اللاعبين في التمرين، كما يفوز بمترجم خطير، يمكنه من أن يقول شيئا غاضبا بالإسبانية أو البرتغالية، كـ «اصمت يا فلان مثلا» ثم يحرف المترجم أقواله بما يتوافق مع الوضع الإعلامي.

كما يمكن تشبيه المدرب قبل المباراة بالحكيم، الذي يعرف كل شيء قبل الحدث وبعد الحدث، عموما هو بعد المباراة مثل الأمين العام لمنظمة عالمية، يبدي استهجانه واستنكاره وقلقه، ويرمي بالأسباب في وجه حكم المباراة واللاعبين والجمهور والمنظمين إلا هو إن خسر ، وإن فاز فإنه يظهر لنا أن كل شيء مرسوم بالمسطرة والقلم، وأنه قصد كل حركة من حركات اللاعبين.

إن من أسباب أمنية أي شخص أن يكون مدربا هي قدرة المدربين على خلق كاريزما خاصة، فأحدهم يظن أن شنبه المعقوف سبب شهرته، وآخر تسريحة شعر رأسه مع تسريحة لحيته، وآخر يظن أن قبعته التي تعود للقرن الثامن عشر مع كم شتيمة للمدرب المقابل هي سبب تميزه، ومدرب آخر يظن أنه إن لم يعاقب أحد اللاعبين أمام الكاميرا تعتبر شخصيته ضعيفة، كل هذه الكاريزمات (إن صحت العبارة والجمع) هي ما ستجلب له العقد الآخر!

بقي أن أشير لنقطة مهمة مغفول عنها في أجواء المدربين الكرام، ألا وهي أنهم لا يشتمون أي ناد يدربونه، ولا يفضحون أسراره للإعلام، لأنهم واثقون من عودتهم له، فإن لم يعودوا إليه سيعودون إلى جاره، وإن لم يعودوا إلى جاره فهم عائدون للمنطقة ككل، فهم لن يتكلموا عن التحكم في التشكيلة من قبل الشرفي الثري أو الإداري المتدخل في كل شيء، كما لن يتحدثوا عن أي أمر آخر ربما يكون سببا في استبعادهم عن الخليج.

Halemalbaarrak@