لقاء القيادات وقياس المخرجات
السبت - 15 فبراير 2020
Sat - 15 Feb 2020
لقاء قيادات التعليم الجامعي الرابع الذي نظمته جامعة الأميرة نورة قبل أيام قلائل، وبحضور معالي وزير التعليم، لقاء في غاية الأهمية، وكان يفترض أن يكون مفتوحا وعاما، حتى وإن حمل عنوانه خصوصية القيادة الجامعية لمن هم على رأس العمل الإداري في الوزارة أو في الجامعات، وكان ينبغي أيضا أن تدعى له شخصيات أكاديمية مستقلة، ومهتمة بتطوير التعليم الجامعي، ولا سيما تلك التي لها أطروحات فكرية راقية وآراء تنظيرية وفلسفية ذات قيمة ودلالة معنوية، والدعوة لا تكون لمجرد الحضور فقط، وإنما للمشاركة الفعلية، لأن موضوعات اللقاء ومحاوره لا تشغل اهتمام القيادات الحالية فحسب، بل إنها محل اهتمام فئة كبيرة من الأكاديميين والمتابعين للشأن الأكاديمي في المملكة.
وعلى الرغم من أهمية هذا اللقاء كما قلنا إلا أنه لم يصلنا منه شيء مكتمل يمكن تناوله بالنقد والمناقشة، اللهم إلا عناوين عامة لمحاور جذابة وجديرة بالطرح والمناقشة، وبعض المقاطع الترويجية أو «السنابية» لبعض هواة التصوير المرئي ممن حضر اللقاء، وبالتالي لم نطلع على محتويات المحاور المطروحة بشكل واف، ولا على أوراق عمل تقدمت بها جهات مستقلة، ولا حتى على أسئلة ومداخلات أو وجهات نظر متبادلة بين الضيوف والحضور، ولذلك فإنه في المجمل لا نستطيع بحيادية مناقشة ما ورد في اللقاء من أفكار بناءة وآراء تستحق التوقف والتأمل.
الشيئان الوحيدان البارزان اللذان يمكننا الحديث عنهما في هذا اللقاء هما: ما جاء من نقاط مهمة في كلام معالي الوزير، وما أشار إليه معالي رئيس هيئة التقويم من قياس مخرجات التعليم الجامعي، وما عداهما لا نستطيع نقده وتقييمه إيجابا أو سلبا، على أننا نتوقع أن ما طرح من محاور أخرى لا بد وأنها تحظى بالأهمية ذاتها، خاصة المحور الذي تناول سبل تطبيق نظام الجامعات الجديد وخارطة الطريق المقترحة له، وكذلك محور مبادرات كفاءة الإنفاق ومشكلات الصرف المالي والمشروعات المتعثرة، وكل هذه موضوعات تأتي في الأهمية في أعلى درجات سلم القيادة الأكاديمية!
على مسرح اللقاء ارتجل معالي الوزير كلمته، وقال ضمن ما قاله من توجيهات ومكاشفات صريحة: نحتاج إلى نموذج كفؤ ومتكامل لإدارة فروع الجامعات، وكأني به قد وضع يده على الجرح الأكثر نزفا وألما في القيادة الأكاديمية؛ الكفاءة، نعم إنها الكفاءة في القيادة، لكن ليست الفروع وحدها التي تشكو خلل القيادة، بل الجامعات نفسها، ذلك لأن قيادة الفرع تابعة لقيادة الأصل في كل صغيرة وكبيرة، وهي مرتبطة به في رؤيتها وأهدافها وخططها الاستراتيجية، واختيار قيادات الفروع لا يخضع للكفاءة بقدر ما يخضع للعلاقات الشخصية والتبعية والولاء للإدارة الأم، ونظام الترشيح، هذا النظام الذي هو سبب المشكلة والمعاناة التي أشار إليها معالي الوزير وعناها!
بعض الجامعات المحلية بأصولها وفروعها وعماداتها وكلياتها بحاجة لمجموعة شابة من قيادة التكنوقراط، من الفلاسفة والمفكرين الجدد، مع العلم أن الإدارات الحالية لا تخلو من هذه النوعية، لكننا في ظل عجلة النمو المتسارعة التي تشهدها الحركة التعليمية بأمس الحاجة لتبني ثقافة التكنوقراط من الأكاديميين، ومن ذوي النزعة المعرفية والنظرة المستقلة، بدلا من ثقافة الترشيح التي أفرزت كثيرا من المشكلات الإدارية والمالية، وحتى لا نشكو يوما ما نقص الكفاءة في الرؤية والابتكار، وخلق الفرص، وتحقيق تطلعات الدولة وأهدافها في المجالات التعليمية والنواحي المجتمعية، علينا أن ننحو هذا الطريق بلا خوف ولا وجل!
الاختبارات المعيارية والرخص المهنية مؤشرات حقيقية على أداء الجامعات وجودة برامجها، وهذا ما أكده الوزير في كلمته، وهو بلا شك توجه سليم، وخطوة جريئة نحو التصحيح، خاصة إذا ما كانت الاختبارات قد وضعت بشكل مدروس، ولغرض قياس أداء الجامعات تحديدا، وروعيت فيها عوامل مختلفة، منها ما هو نفسي، وآخر اجتماعي، إذ إنه بالمنطق السليم لا يمكننا الحكم على أداء جامعة فقط من اختبار يجرى لمجموعة من المتقدمين على وظيفة معينة أو للحصول على رخصة مهنية، كذلك يجب أن تتسق النتائج مع غيرها مما يظهر من نتائج في دراسات مشابهة أو باستخدام طرق مختلفة ومعايير أخرى.
ومن المفارقات الجميلة وغير المعتادة أنه في اللقاء نفسه يقدم معالي رئيس هيئة تقويم التعليم عرضا لقياس مخرجات التعليم الجامعي، ويشير فيما عرضه وبالأرقام إلى أن أداء الخريجين في الاختبارات المعيارية لم يتجاوز في المتوسط درجة النجاح، ولا أدري هل كانت كلمة الوزير أولا ثم عرض الهيئة ثانيا، أم العكس!
وبغض النظر عمن بدأ أولا، تظل المكاشفة العلنية إنجازا غير مسبوق! وممارسة ديموقراطية تسجل للوزارة والهيئة معا، إلا أنه وكما ذكرنا من ناحية مهنية صرفة لا نستطيع القول إن نتائج اختبارات الهيئة تعكس بالضرورة واقع الجامعات، لأن الاختبارات المعيارية التي اعتمدت عليها الهيئة هي نفسها بحاجة لإعادة نظر، قبل أخذ نتائجها بعين الاعتبار!
drbmaz@
وعلى الرغم من أهمية هذا اللقاء كما قلنا إلا أنه لم يصلنا منه شيء مكتمل يمكن تناوله بالنقد والمناقشة، اللهم إلا عناوين عامة لمحاور جذابة وجديرة بالطرح والمناقشة، وبعض المقاطع الترويجية أو «السنابية» لبعض هواة التصوير المرئي ممن حضر اللقاء، وبالتالي لم نطلع على محتويات المحاور المطروحة بشكل واف، ولا على أوراق عمل تقدمت بها جهات مستقلة، ولا حتى على أسئلة ومداخلات أو وجهات نظر متبادلة بين الضيوف والحضور، ولذلك فإنه في المجمل لا نستطيع بحيادية مناقشة ما ورد في اللقاء من أفكار بناءة وآراء تستحق التوقف والتأمل.
الشيئان الوحيدان البارزان اللذان يمكننا الحديث عنهما في هذا اللقاء هما: ما جاء من نقاط مهمة في كلام معالي الوزير، وما أشار إليه معالي رئيس هيئة التقويم من قياس مخرجات التعليم الجامعي، وما عداهما لا نستطيع نقده وتقييمه إيجابا أو سلبا، على أننا نتوقع أن ما طرح من محاور أخرى لا بد وأنها تحظى بالأهمية ذاتها، خاصة المحور الذي تناول سبل تطبيق نظام الجامعات الجديد وخارطة الطريق المقترحة له، وكذلك محور مبادرات كفاءة الإنفاق ومشكلات الصرف المالي والمشروعات المتعثرة، وكل هذه موضوعات تأتي في الأهمية في أعلى درجات سلم القيادة الأكاديمية!
على مسرح اللقاء ارتجل معالي الوزير كلمته، وقال ضمن ما قاله من توجيهات ومكاشفات صريحة: نحتاج إلى نموذج كفؤ ومتكامل لإدارة فروع الجامعات، وكأني به قد وضع يده على الجرح الأكثر نزفا وألما في القيادة الأكاديمية؛ الكفاءة، نعم إنها الكفاءة في القيادة، لكن ليست الفروع وحدها التي تشكو خلل القيادة، بل الجامعات نفسها، ذلك لأن قيادة الفرع تابعة لقيادة الأصل في كل صغيرة وكبيرة، وهي مرتبطة به في رؤيتها وأهدافها وخططها الاستراتيجية، واختيار قيادات الفروع لا يخضع للكفاءة بقدر ما يخضع للعلاقات الشخصية والتبعية والولاء للإدارة الأم، ونظام الترشيح، هذا النظام الذي هو سبب المشكلة والمعاناة التي أشار إليها معالي الوزير وعناها!
بعض الجامعات المحلية بأصولها وفروعها وعماداتها وكلياتها بحاجة لمجموعة شابة من قيادة التكنوقراط، من الفلاسفة والمفكرين الجدد، مع العلم أن الإدارات الحالية لا تخلو من هذه النوعية، لكننا في ظل عجلة النمو المتسارعة التي تشهدها الحركة التعليمية بأمس الحاجة لتبني ثقافة التكنوقراط من الأكاديميين، ومن ذوي النزعة المعرفية والنظرة المستقلة، بدلا من ثقافة الترشيح التي أفرزت كثيرا من المشكلات الإدارية والمالية، وحتى لا نشكو يوما ما نقص الكفاءة في الرؤية والابتكار، وخلق الفرص، وتحقيق تطلعات الدولة وأهدافها في المجالات التعليمية والنواحي المجتمعية، علينا أن ننحو هذا الطريق بلا خوف ولا وجل!
الاختبارات المعيارية والرخص المهنية مؤشرات حقيقية على أداء الجامعات وجودة برامجها، وهذا ما أكده الوزير في كلمته، وهو بلا شك توجه سليم، وخطوة جريئة نحو التصحيح، خاصة إذا ما كانت الاختبارات قد وضعت بشكل مدروس، ولغرض قياس أداء الجامعات تحديدا، وروعيت فيها عوامل مختلفة، منها ما هو نفسي، وآخر اجتماعي، إذ إنه بالمنطق السليم لا يمكننا الحكم على أداء جامعة فقط من اختبار يجرى لمجموعة من المتقدمين على وظيفة معينة أو للحصول على رخصة مهنية، كذلك يجب أن تتسق النتائج مع غيرها مما يظهر من نتائج في دراسات مشابهة أو باستخدام طرق مختلفة ومعايير أخرى.
ومن المفارقات الجميلة وغير المعتادة أنه في اللقاء نفسه يقدم معالي رئيس هيئة تقويم التعليم عرضا لقياس مخرجات التعليم الجامعي، ويشير فيما عرضه وبالأرقام إلى أن أداء الخريجين في الاختبارات المعيارية لم يتجاوز في المتوسط درجة النجاح، ولا أدري هل كانت كلمة الوزير أولا ثم عرض الهيئة ثانيا، أم العكس!
وبغض النظر عمن بدأ أولا، تظل المكاشفة العلنية إنجازا غير مسبوق! وممارسة ديموقراطية تسجل للوزارة والهيئة معا، إلا أنه وكما ذكرنا من ناحية مهنية صرفة لا نستطيع القول إن نتائج اختبارات الهيئة تعكس بالضرورة واقع الجامعات، لأن الاختبارات المعيارية التي اعتمدت عليها الهيئة هي نفسها بحاجة لإعادة نظر، قبل أخذ نتائجها بعين الاعتبار!
drbmaz@