علي المطوع

اللاءات الثلاث في مشهد عسير التنموي

الجمعة - 14 فبراير 2020

Fri - 14 Feb 2020

الكل يجمع على أن تجربة الأمير تركي بن طلال في عسير تجربة مختلفة، بدأت برسم ملامح واقع إداري جديد يقوم على المتابعة والتدقيق والمحاسبة، من ذلك تصريحه الشهير حيال المشاريع التنموية في عسير وما يريده من القائمين عليها والمشرفين والجهات ذات العلاقة، فكان أن أطلق تلك اللاءات الثلاث؛ لا أقبل الخلل في التصميم، لا أقبل الخلل في التنفيذ، لا أقبل الخلل في الإشراف.

هذه اللاءات الثلاث أصبحت خارطة طريق المشاريع القادمة في عسير، وهي كذلك آلية عمل ينبغي الالتزام بها عند التعاطي مع التنمية ومشاريعها المختلفة.

شهدت عسير كباقي مناطق المملكة في الفترة الماضية صورا عديدة من تعثر المشاريع الخدمية، السواد الأعظم من الناس وقبلهم مسؤولو الوزارات يحملون وزارات أخرى النسبة الأكبر من هذا الخلل، كون الاعتمادات لم تصرف على حسب زعمهم! ولو سلمنا بهذا القول، فالسؤال الذي ينبغي طرحه: ما هي استراتيجيات هذه المرافق الخدمية للتعاطي مع هذا الظرف؟ بمعنى آخر، ما هي الخطط البديلة التي يمكن من خلالها تقصي الضرر وتقليصه إلى الحد الذي يشعرنا بوجود وزارات تعمل وفق ما هو متاح من إمكانات وموارد؟

أعتقد أن جل المسؤولين عن هذه المشاريع في هذه الوزارات الخدمية يرون في التمويل شماعة يعلقون عليها شيئا من أعباء وأخطاء وزاراتهم، فمدير القطاع الخدمي أسهل ما يقوله عند التقصير: لا يوجد دعم، وكأن الوزارة أو المرفق الخدمي بهذا الدعم المنتظر ستنطلق إلى خدمات نوعية غير مسبوقة تصل إلى درجة رضى المواطن الذي ينتظر الأفضل وينشد الأجود دائما.

المدينة الطبية، ذلك المشروع الحلم، ما زال يراوح في المكان ضيفا على الأزمان المتغيرة وجوها وظروفا، كل أبناء عسير يشعرون أن هذه المدينة هي الحل السحري الذي يعيد دوزنة العمل الصحي وضبطه في المناطق الجنوبية ليصل إلى مرحلة تمكن إنسان عسير من الاستفادة من خدمات صحية مميزة في محيطه السكني ونطاقه الجغرافي.

بدأت المدينة في استقطاب عديد من الكوادر، وباشرت مجموعة منهم برامج الابتعاث في تخصصات صحية مختلفة، ثم عاد هؤلاء إلى المدينة أبها والمدينة الطبية مقر العمل، لكن الواقع أجبر المدينة الطبية على توجيه هؤلاء للعمل في بعض المرافق الصحية ليمارسوا تخصصاتهم المختلفة. هذا واقع الحال وفيه شيء من الواقعية التي تنسجم مع الاحتياج والإمكانات والظرف الراهن حتى تدشن المدينة الحلم في المستقبل القريب.

أما الطرق، ولعل أهمها طريق عقبة شعار، همزة الوصل بين السهل والجبل، فقد دشن قبل أكثر من أربعة قرون بمشروع استراتيجي نوعي جبار، نفذ عن طريق إحدى الشركات الآسيوية، ولعل صمود هذا الطريق كل هذه السنين يعكس ويجسد براعة تلك الشركة في التنفيذ والقدرة على إنشاء مشروع ظل علامة بارزة في تاريخنا التنموي في عسير وفي المملكة، إلا أن هذا الطريق لم يعد يفي باحتياجات الناس، وأصبح يشهد ازدحاما لا يطاق، خاصة من سيارات النقل الكبيرة التي تستخدمه لنقل البضائع بين مدن المنطقة والمناطق المجاورة لها.

إن الضرورة والحاجة الملحتان تقتضيان الإسراع بوضع طريق بديل يسهم في تخفيف الضغط على هذه العقبة، والإسراع في تدشينه ليكون رافدا يردف عملية النقل بين مدن المنطقة وهجرها المختلفة، ولعل مشاريع تحسين الطريق المتمثلة في البدء بعمليات إنشاء طريق مزدوج يخفف الضغط على مستخدمي هذا الطريق، قد بدأت من الجزء السفلي القريب من محايل عسير، وهذا شيء إيجابي يلمسه مستخدمو الطريق ويشعرون بفائدته.

منطقة عسير واجهة سياحية ينتظرها مستقبل مشرق، وإتمام احتياجاتها من الطرق والصحة وباقي الخدمات الأخرى يعجل بها كخيار اقتصادي ترجى فائدته وتنتظر، فتنوعها الجغرافي على مستوى التضاريس والمناخ يؤهلها للعب أدوار تنموية تعود بالنفع على الاقتصاد الوطني وزيادة إنتاجه، وخلق كثير من فرص العمل لأبناء المنطقة، وهذا ما يعمل عليه أمير المنطقة الذي وضع اللبنة الأساسية للعمل التنموي ورسخه بمنهج فريد لا يقبل فيه الخطأ، ويدفع الأفكار الناجحة وأصحابها إلى صدارة المشهد التنموي والحياتي في عسير.

@alaseery2