عبدالله العولقي

الرئيس ترمب كظاهرة إعلامية

الأربعاء - 12 فبراير 2020

Wed - 12 Feb 2020

على الرغم من الصدمة التي تلقاها العالم بوصول دونالد ترمب إلى البيت الأبيض في 2016، كونه شخصية تفتقد للخبرة السياسية، وتحولت من أضواء الإعلام في برامج تلفزيون الواقع وعالم المصارعة الحرة إلى رئيس لأقوى دولة في العالم، إلا أنه في مسلسل العزل الذي جرت أحداثه أخيرا تحت قبة الكونغرس الأمريكي بدا بثقة السياسي المحنك، وظهر كرجل دولة متمرس ومن الطراز الرفيع.

نتائج استطلاع غالوب الشهيرة أبدت ارتفاع شعبية ترمب بين أنصاره الجمهوريين إلى نسبة قاربت 95%، وهذه نسبة عالية ربما لم يصل إليها رئيس جمهوري من قبل، كما ارتفعت شعبيته بين أوساط المستقلين من 37% إلى 42%، كما عبر الاستطلاع عن رضا نسبة كبيرة جدا من الأمريكيين عن أداء إدارته، وهذه النتائج تشير إلى استطلاعات شبه مؤكدة بانتصار الرئيس ترمب في الانتخابات القادمة لولاية جديدة.

ظاهرة ترمب الإعلامية تستحق الاهتمام، كونها تتجاهل بقوة نمطية الآلة التقليدية المتمثلة بالقنوات الفضائية الشهيرة كفوكس نيوز التي انحازت يسارا نحو خصومه الديمقراطيين، وشرعت في الهجوم ضده منذ وصوله للبيت الأبيض، كما أنه لا يعبأ مطلقا بهجوم الصحافة الورقية على إدارته، كالنيويورك تايمز والواشنطن بوست، ويحسب له أنه استطاع استدراجها إلى لعبته المفضلة على منصات تويتر وفضائها الواسع، وهي لعبة إعلامية يجيدها بذكاء وببراعة أمام منافسيه، فظاهرته الإعلامية تعد اليوم شاهدا صارخا على التحول الإعلامي من نمطيته التقليدية إلى فضاءاته الرقمية الحديثة.

شخصية الرئيس ترمب أيقونة تمثيلية بامتياز، ولعل هذا ما يعجب الأمريكيين بإدارته، فعلى الرغم من أنه نجح في الوفاء بكثير من بنود برنامجه الانتخابي السابق عندما استطاع تقليل نسبة البطالة بين الأمريكيين، وتمكن من تقويض النمو الصيني، وأعاد للولايات المتحدة الأمريكية هيبتها التي تقلصت إبان الرئيس السابق باراك أوباما، إلا أن النمو المطرد في شعبيته يعود إلى شخصيته الإعلامية التي تحظى بإعجاب الأمريكيين، فبعد انتصاره الأخير على الديمقراطيين في الكونجرس غرد بفيديو استفزازي يظهر رئيسة مجلس النواب نانسي بيلوسي وهي تمزق خطابه أمام وسائل الإعلام، ومع كل تمزيقة تظهر قصة من إنجازات إدارته الرئاسية، هذه اللفتة الإعلامية رافقها متابعة خيالية فاقت الأربعة ملايين مشاهدة في وقت قياسي، جعل المراقين يصنفون الرئيس ترمب كظاهرة قيادية فريدة!

أخيرا، يبدو أن صنائع الديمقراطيين وحساباتهم السياسية قد خانتهم هذه المرة، فما قدموه من مواد إعلامية ضد الرئيس دونالد ترمب إبان تحضيراتهم لعزله عن الرئاسة قد ارتدت عليهم بصورة مغايرة تماما، بمعنى أنهم وبطريقة غير مباشرة قدموا له ولحزبه الجمهوري هدية إعلامية مجانية، زادت من شعبيته بين الأمريكيين بصورة قد تحسم لصالحه نتائج الانتخابات القادمة.

albakry1814@