طلال الحربي

المدينة الإعلامية.. أخيرا

الاثنين - 10 فبراير 2020

Mon - 10 Feb 2020

منذ سنوات عدة ونحن نطالب بإنشاء مدينة إعلامية سعودية على أحدث طراز، مدينة متطورة تنافس، بل وتكون على قمة الصناعة الإعلامية في العالم كله، ولعل بدايات مطالباتنا بهذه المدينة الإعلامية هو رغبة ما زالت موجودة فينا، بأن تكون قنواتنا الإعلامية، خاصة الإخبارية منها، على أرض المملكة، وبالتالي فإن تملك المملكة للسلاح الإعلامي المهم جدا اليوم يلزم أن تكون كل القنوات الإخبارية الإعلامية على أرضها، وهذا ليس أمرا مرسلا وسطحيا بحب التملك فقط، وإنما لأن فكرة الولاء والانتماء للوطن وللمملكة تكون أقل حضورا وتأثيرا عندما يكون العامل في القطاع الإعلامي التابع للمملكة، سواء من القطاع العام أو القطاع الخاص؛ تكون لخارج أرض المملكة وفي دولة أخرى مهما كانت علاقتنا بهذه الدولة وقربنا وتحالفنا.

اليوم وبعد التشكل الدقيق لملامح نتائج رؤية المملكة 2030، فإن فكرة انتقال المحطات الإعلامية الإخبارية إلى أرض المملكة لم تعد الفكرة الأنسب، بل الفكرة أصبحت اليوم إنشاء مدينة إعلامية متطورة بمستوى عال من التقنيات والخدمات، وبطبيعة الحال عند إنشاء هذه المدينة فإن انتقال عديد من المحطات الفضائية الإخبارية والإذاعية إلى هذه المدينة سيكون أمرا ضروريا باللزوم، مع بقاء مكاتب لهذه القنوات في دول أخرى، لكن ما يخص المملكة لا بد أن يكون على أرض المملكة.

وما أعلن عنه الأمير بدر بن فرحان وزير الثقافة، رئيس مجلس إدارة مشروع المدينة الإعلامية، ليس فقط من باب الإعلام الإخباري الذي نتحدث عنه أو كنا نتحدث عنه، وإنما من باب شمولي أكثر تناسقا مع تطلعات الرؤية 2030، لتعزيز الاقتصاد الوطني وجذب الاستثمارات الخارجية وفتح بوابات فرص عديدة للاستثمار الداخلي، وزيادة في عدد الوظائف وإنشاء صناعة إعلامية سعودية بروح الحداثة والتكنولوجيا المتطورة دائما، كل هذه الأمور حين تتمثل على أرض الواقع بلغات العالم كله، فإن مفهوم صناعة المدن الإعلامية هو الذي سيفرض نفسه من حيث المنافسة والتأثير والنجاح.

نعم كنا نطالب بانتقال العربية وmbc إلى أرض المملكة، لكننا اليوم نريد من المدينة الإعلامية أن تكون هي المحفز لكي تنتقل هاتان المحطتان إلى أرض المملكة، وغيرهما من محطات العالم وفروعها ومكاتبها ومجلاتها وصحفها وشركات الإعلام التنفيذية أو الاستشارية، في نهاية الأمر كل مؤسسة إعلامية، سواء حكومية أو خاصة تسعى إلى تحقيق عوامل الاستدامة والربحية، وحين يقدم لإدارات هذه المؤسسات نموذج عالمي متطور من المدن الإعلامية فإن عملية انتقالهم إليها أمر حتمي، بل يعد ذكاء وحسن إدارة.لا شك أن موقع المملكة وتوجهاتها ومسيرة خطتها التنموية الحديثة وبرنامج التحول الوطني فيها مع إطار رؤية 2030، كل ذلك أسهم ويسهم بكل قوة في جعل مشروع المدينة الإعلامية مشروعا قويا وناجحا ومؤثرا وذا إنتاج طويل الأمد، المملكة في موقعها المتوسط لا تبعد أكثر من 6 أو خمس ساعات عن معظم دول العالم وتكتلاتها، إضافة إلى كونها في قلب الأحداث إقليميا ودوليا، في الشق الإعلامي العام أيضا المملكة تمتلك من الموارد التمويلية والبشرية والمساحات الجغرافية ما يجعلها قادرة على إنجاح المشروع والمضي فيه قدما نحو المنافسة العالمية.

نحن على أعتاب الحدث الأبرز على مستوى الإقليم والعالم وهو اجتماعات قمة الـ 20، والمضي قدما في تنفيذ هذه المدينة بروح التميز السعودية الجديدة، يؤكد أن مثل هذه المشاريع لا يمكن أن تنجز إلا حين يكون اقتصاد الدولة قويا معافى لا تؤثر فيه الصدمات والهزات.

alharbit1@