طارق جابر

طبيب زائر.. زر غِبا تزدد حبا

الخميس - 06 فبراير 2020

Thu - 06 Feb 2020

يعمد عدد من المستشفيات الخاصة كثيرا للإعلان عن حضور أطباء زائرين، لمعاينة وعلاج المرضى لفترات قصيرة، ويصاحب ذلك عادة حملة تسويقية لجدولة أكبر عدد من الزبائن المحتملين. ويحدث هذا الأمر أيضا في المستشفيات الحكومية بطريقة أخرى، ولأهداف مختلفة، ففي المستشفيات الحكومية يختفي الدافع المادي المباشر، ويصبح التركيز على التقاء الطبيب الزائر بالأطباء المحليين، أكثر من التقائه بالمرضى المحليين، وإن كانوا هم ساحة اللقاء.

إن حضور الأطباء الزائرين لعلاج المرضى المحليين إذا كان له نواح إيجابية فله نواح سلبية أيضا، وهي ممارسة ليست منتشرة في الدول المتقدمة، ليس لعدم حاجتهم لخبرات خارجية، وإنما لتعقيدات وشروط السماح لأي طبيب من خارج المنظومة بالعمل، وما يتطلب ذلك من تصاريح ورخص وتأمين وقيود قانونية، وتكون زياراتهم هناك عادة محصورة في إبداء الرأي وعقد النقاشات وإعطاء المحاضرات، واحتكاكهم يكون بالكوادر الطبية فقط وليس المرضى.

قد يكون من المفيد إعطاء الفرصة لنوعية معينة من المرضى للاستفادة من خبرات بعض الأسماء المميزة من الأطباء، دون الحاجة لتحمل تكاليف ومشاق السفر، لكن في المقابل يجب معرفة بعض النقاط المهمة.

يجب أولا أن لا يعالج أي طبيب أي مريض إلا بعد الحصول على معادلة وتصنيف هيئة التخصصات الطبية وتسجيله وترخيصه، وأن يكون مؤمنا ضد الأخطاء الطبية، وأن لا يترك الأمر للجهات المستضيفة فقط. كما أن من إشكالات الأطباء الزائرين في المستشفيات الخاصة أنه غالبا ما تصاحبهم حملات من التضخيم تفتقر إلى المصداقية أحيانا، وتجعل من الطبيب العادي حجة ومرجعا أمام العامة.

وإن كان عرض المريض على طبيب باطني زائر للمشورة يمكن تقبله، فإن إجراء عمليات جراحية من قبل جراح زائر سواء في مستشفى حكومي أو خاص له إشكالات كبيرة، منها انتفاء رابطة الالتزام بين الطبيب والمريض، وانقطاع العلاقة فور انتهاء الإجراء الجراحي ومغادرة الجراح، وفي حال حدوث مضاعفات أو إشكالات يقع عبء علاجها على جراح آخر قد لا يكون ذا خبرة في هذا النوع من العمليات، وليس بينه وبين المريض أي نوع من الروابط أو الالتزام المسبق.

إن عمل الجراح في بيئة غريبة وسط طاقم غريب دون مساعديه الذين اعتاد عليهم، ودون أدواته التي يعرفها جيدا على مريض يعلم أنه قد لا يراه لاحقا؛ قد لا يأتي بنتائج مثالية.

أما الجراحون الذين يجوبون البلاد لإجراء عمليات جراحية في المستشفيات الحكومية خاصة، فهم في الغالب من ضمن برامج تمولها شركات طبية، ويكونون ملتزمين بعقود مع هذه الشركات، وينطوي الأمر على أهداف تسويقية، وفي كثير من الأحيان لا يكون المقياس هو التميز، ولكن هؤلاء بمثابة شركاء عمل مع الشركات التي تستثمر وجودهم لأقصى مدى.

إذا كان السماح للأطباء الزائرين بعلاج المرضى أمرا لا بد منه، لا بد من إخضاعهم للأحكام والضوابط نفسها التي يخضع لها الممارسون المقيمون، ويجب أن تتحمل الجهة المضيفة كامل المسؤولية الأدبية والقانونية، وأن يكون هناك مبرر حقيقي لحضورهم.

وأخيرا يجب أن يكون هناك فريق مؤهل وراغب في متابعة مرضاهم، وعلاج مضاعفاتهم بعد عودة هؤلاء الأطباء إلى بلادهم مصحوبين بالسلامة.

drtjteam@