أحمد صالح حلبي

أين بئر الحديبية التاريخية؟

الخميس - 06 فبراير 2020

Thu - 06 Feb 2020

نشرت هذه الصحيفة بعددها الصادر الأربعاء 20 جمادى الأولى 1441 - 15 يناير 2020، خبر «تسوير شركة مقاولات بئر الحديبية التاريخية ضمن مساحة الأرض التي تشغلها، ومنع الدخول إليها إلا بإذن مسبق»، وبالعودة لواقع الأحداث التي تعرضت لها البئر، فإن عملية التسوير لم تكن الأولى، فقد تعرضت للاعتداء عام 2009 حينما «ضم أحد المواطنين البئر إلى مزرعته».

ووفقا لما أوضحه الباحث في التاريخ النبوي الدكتور سمير برقة لجريدة «مكة»، فإن السور الذي أقامته الشركة حول البئر حجب رؤية البئر عن أعين الناظرين والمارين عبر الطريق السريع المتجه إلى مكة المكرمة، حيث أضحت البئر مغيبة عن المشهد العام، وكأنها غير موجودة تماما، لافتا إلى أن الشركة وضعت حراسات على بوابة السور لمنع أي زائر أو معتمر أو حتى مهتم بالتاريخ من الوصول إليها أو الوقوف عليها.

ونبه إلى أن تسوير موقع البئر وإخفاءها بهذه الطريقة يسببان لبسا في المعلومات عند كثير من الزوار والمعتمرين الذين يعتقدون أن بئر المؤسس الملك عبدالعزيز، التي تقع على مدخل مكة المكرمة من جهة الشميسي هي بئر الحديبية، حيث لوحظ كثير منهم يقفون عليها ويلتقطون صورا تذكارية على أنها بئر الحديبية، مشيرا إلى أن الأهمية التاريخية للبئر تكمن في أنها تعود إلى زمن النبي صلى الله عليه وسلم، كما روى البراء بن عازب، قال «كنا يوم الحديبية أربع عشرة مئة، والحديبية بئر، فنزحناها، حتى لم نترك فيها قطرة، فجلس النبي صلى الله عليه وسلم على شفير البئر، فدعا بماء فمضمض ومج في البئر، فمكثنا غير بعيد ثم استقينا حتى روينا، وروت، أو صدرت ركائبنا».

وحادثة كهذه تتمثل في تسوير موقع له أهمية كبرى في التاريخ الإسلامي تطرح سؤالا حول لائحة مراقبة الأراضي الحكومية وإزالة التعديات التي صدرت موافقة مجلس الشورى في جلسته المنعقدة في الأول من ربيع الأول 1432 هـ عليها: أين هي؟ ولماذا لا تطبق؟

وهل يمكن اعتبار موقع البئر ضمن الأراضي الحكومية ويجري العمل على إزالة التعديات عليه، وفقا لما أوضحته المادة السادسة من اللائحة التي أشارت إلى «تكوين لجنة مركزية في كل إمارة من إمارات المناطق بقرار من أمير المنطقة تسمى اللجنة المركزية لمراقبة الأراضي الحكومية وإزالة التعديات، تضم أعضاء يمثلون إمارة المنطقة ووزارة الشؤون البلدية والزراعة والمالية والهيئة العامة للسياحة والآثار»؟

وأين هي الهيئة العامة للسياحة والآثار المكلفة بحمايتها ومتابعة الآثار التابعة لها، والتنسيق مع الجهات المختصة للحفاظ عليها، وفقا لما أوضحه النظام؟

وقبل أن نفاجأ بذهاب الموقع ومعه البئر منحة لشخصية ما، أو يحول إلى أثر بعد عين وتتم إزالته كليا ويغيب عن الوجود! فإن الحاجة تستدعي عمل أمانة العاصمة المقدسة على إزالة الاعتداء الذي وقع على البئر، خاصة أن الموقع أهم من المخطط العشوائي بمنطقة الشميسي الذي تمت إزالته أوائل الشهر الماضي، بعد أن حاول مخالفون الاستيلاء عليها بوضع اليد، وإقامة منشآت وإحداثيات متنوعة، دون أن يكون لديهم أي مستمسكات شرعية، أو تراخيص نظامية.

فهل نرى إزالة فعلية للسور الذي أحاط بالبئر؟ أم إن أمانة العاصمة المقدسة تلتزم الصمت وتغمض العين؟ أو يتحرك فرع الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني بالعاصمة المقدسة لحماية هذا الأثر التاريخي والمحافظة عليه؟

[email protected]