منصور الشلاقي

مشاريع درء السيول.. لماذا تفشل؟

الأربعاء - 05 فبراير 2020

Wed - 05 Feb 2020

كل عام ومع بداية هطول الأمطار في موسم الشتاء يبدأ المواطنون في بعض مناطق ومحافظات ومراكز المملكة بالتذمر ورفع الشكاوى، نتيجة سوء تصريف مياه الأمطار التي تغمر الشوارع وتحاصر المنازل، إما لعدم وجود مشاريع تصريف لدرء أخطار السيول، أو سوء وعدم كفاءة وجودة المشاريع القائمة، أو تنفيذها بطريقة (مشّي حالك) التي كانت سببا في رداءة كثير من المشاريع الحيوية وفشلها في أولى سنوات تشغيلها، وهذا يرجع إلى غياب الرقيب في متابعة المشاريع من التنفيذ حتى التسليم، وإلى ضمير المسؤول وأصحاب الشركات والمؤسسات المتعاقدة لتنفيذ المشاريع الخدمية.

ورغم أن المطر نعمة من الله يرسم الفرح والسعادة على محيا الناس، وكل (قطرة) هي خير وبركة للأرض والبشر، إلا أن (دمعة) بعض المسؤولين تنزل عند هطول الأمطار خوفا من انكشاف المستور وراء مشاريع لم يراع في تنفيذها معيارا الجودة والسلامة، وحال لسانهم يقول «اللهم أغثنا ولا تفضحنا»، لأنهم يدركون أن السيول تكشف الوجه الحقيقي للمشاريع البلدية وتفضح رداءة التنفيذ وتبين مكان الخلل والقصور.

ولعلي أضرب مثالا على ذلك من مدينتي الشمالية «تربة» التي تغرق كل عام مع موسم هطول الأمطار، على الرغم من وجود مشاريع قائمة لدرء أخطار السيول لتصريف مياه الأمطار، جرى إنشاؤها في ثلاثة أحياء من المدينة، وكلفت ملايين الريالات، لكنها وبكل أسف (رسبت) في أول اختبار لها، وصار الفشل حليفها كل عام، وآخر ذلك قبل شهرين ونصف الشهر عند هطول الأمطار، رغم عدم غزارتها، حتى تراكمت كميات المياه وأغلقت بعض الشوارع وتضرر عدد من المنازل والمساجد، وكان الحل كالعادة شفط المياه بالطرق التقليدية، وردم واجهات المنازل بالرمال، وسيستمر هذا المسلسل ما لم يتدخل المسؤول بوضع حل جذري ينهي المشكلة، فليس من المعقول أن مشروعا حيويا يفشل كل عام، والمواطن هو المتضرر الأول، بينما يقف المسؤول موقف المتفرج، عاجزا عن إنهاء معاناة سكان الأحياء بإيجاد الحل المناسب!

وأجزم أن الحزن الذي يخيم على مدينتي الشمالية عند هطول الأمطار هو أيضا يخيم على مدن ومحافظات ومراكز أخرى، في مناطق المملكة مع بداية (الوسم) كل عام، حسبما نتابعه في وسائل الإعلام، نتيجة ضعف البنية التحتية وضعف جودة المشاريع المنفذة، وهذا ليس في مدينة معينة دون أخرى، ويرجع ذلك إلى ضعف الرقابة على تنفيذ المشاريع الخدمية، وهنا يكون دور المجالس البلدية في متابعة المشاريع المتعثرة وغير المنفذة بجودة عالية، والتواصل مع مسؤولي الأمانات والبلديات والمقاولين وإبداء مرئياتهم وملاحظاتهم ومناقشتهم حول كل كبيرة وصغيرة، ولو أننا نعتب على بعض المجالس البلدية، خاصة في المراكز الصغيرة وكأن دورها غائب تماما.

ومثل هذه المشاريع الحيوية، أعني مشاريع درء أخطار السيول، يفترض أنها تنفذ وفق خطط مدروسة بشكل صحيح، وبأعلى معايير القياس والجودة، وتحت إشراف مهندسين أكفاء متخصصين في المراقبة والإشراف على هذه المشاريع الحيوية، لا أن تنفذ وفق خطط عشوائية أو تسلم إلى مقاولي الباطن دون رقيب ذاتي أو ميداني!

أخيرا، أتمنى وآمل ألا يغضب أحد من النقد، وأن يعي المسؤول في كل مكان من بلدنا الحبيب أهمية دوره كمسؤول وضع في المكان المناسب لخدمة الوطن، وتحقيق رؤية القيادة وتلبية طموحات المواطن، وأن يجعل من النقد الهادف طريقا ووسيلة للوصول إلى مكامن الخلل ومحاولة معالجته وإصلاحه.

@Mansoorshlaqi