عبدالله المزهر

الكورونيائي!

سنابل موقوتة
سنابل موقوتة

الأحد - 02 فبراير 2020

Sun - 02 Feb 2020

يقول باولو كويلو على لسان الخيميائي «قل لقلبك إن الخوف من العذاب أسوأ من العذاب نفسه»، وأظن أن هذا هو عين ما يعيشه العالم هذه الأيام، فقد وصل الخوف من وباء كورونا درجة جعلت العالم يعيش وضعا أبشع من الوضع الذي قد يتسبب فيه انتشار الفايروس نفسه.

والهلع من أهم ما تتغذى عليه نشرات الأخبار، المصائب والكوارث هي التي تأتي بعد كلمة «عاجل» التي تتجالد عليها القنوات الإخبارية ودون السبق بها خرط القتاد.

ثم إن أضفنا إلى كل هذا الهوس وجود وسائل التواصل الاجتماعي وأن الهوس بالسبق ونقل الأخبار أصبح موجودا لدى السبعة مليارات إنسان وليس فقط لدى القنوات الإخبارية‘ فإن الوضع يصبح كارثيا، أصبح الهلع والخوف والعنف بضاعة يسوقها الجميع على الجميع.

ولكثرة الأخبار التي تتحدث عن المصائب والكوارث أصبح إنسان هذا العصر لا يخاف بسهولة، فقد اعتاد على السماع عن كارثة واحدة يوميا على الأقل، ولكسب انتباهه واهتمامه أصبح من الضروري في صناعة الخبر إضافة التشويق والإثارة والتهويل، وكان وباء كورونا فرصة سانحة للتغيير والبحث عن «مخيفات» خارج إطار السياسة والإرهاب وبقية تلك الباقة التي يبدو أن الناس لم تعد تكترث لها كثيرا.

وأنا لا أهون بالطبع من خطورة انتشار الأمراض والأوبئة، خاصة في هذا العصر الذي أصبح من السهل فيه أن ينتقل المصاب بالمرض من مكان إلى آخر، وأن شخصا واحدا يفلت من الحصار كفيل بأن ينقل المرض إلى مكان جديد، وقد يكون هذا المكان الجديد بيئة خصبة لانتشار الأمراض في حال كان من تلك الأماكن التي لا تهتم كثيرا بموضوع الصحة، وتعتبرها ترفا غير مبرر يرهق الميزانيات العامة لمجرد علاج مواطنين سيموتون في نهاية المطاف. لكني أقول إن الأمر ربما لا يستحق حالة الهلع التي يسوق لها الإعلام، عن الحالة التي تنتابك وأن تشاهد المذيع يقرأ الخبر وكأنه يريد أن يقول لك: أخيرا تمكنت منك أيها الجبان.

أحد الأصدقاء اشترى أبوابا لمنزله الجديد من الصين ولم تصل بعد، يقول إن عائلته تعيش حالة من الرعب خوفا من الأبواب التي قد تنقل إليهم العدوى، وقد نصحته ـ من باب المشاركة في صناعة الحدث ـ أن يضع الأبواب بعد وصولها في الحجر الصحي لمدة أسبوعين، فإن لم تظهر عليها أعراض المرض فلا بأس في تركيبها.

وعلى أي حال..

يقول كويلو في ذات الرواية «يفترض ألا يخشى الإنسان من المجهول، فكل ما نخشاه هو أن نخسر ما نملك، لكن هذا الخوف يتلاشى عندما ندرك أن مصيرنا ومصير العالم قد خطته يد واحدة».

agrni@