عبدالله المزهر

الوباء فيـ روس!

سنابل موقوتة
سنابل موقوتة

الاحد - 26 يناير 2020

Sun - 26 Jan 2020

لست من عشاق البرد الشديد ولا الحر الشديد، وكان ضمن قائمة أمنياتي الدنيوية أن أعيش في منطقة لا ترتفع حرارتها ولا تهبط، لأني أعتقد أن حياتي مثل المعادلات الكيميائية تكون مثالية وتعطي نتائج صحيحة حين تكون درجة الحرارة محايدة، واتفق الزملاء الكيميائيون على أن درجة الحرارة المحايدة والقياسية هي 25 درجة مئوية.

في مثل هذه الأوقات الباردة ـ كثيرا جدا ـ من كل عام تبدأ نغمة السعال عندي في الارتفاع قليلا، وتطل الأنفلونزا برأسها القبيح من كل زاوية، وكأني أسمعها تتوعدني في الخارج، تقول لي: لا بد أن تأتي لحظة تترك فروتك ومدفأتك ولن تجد حينها من ينقذك من بين يدي.

ومع أن الأمر مألوف في كل موسم برد إلا أنه هذه الأيام أشد رعبا، فالصين بعد أن صنعت كل شيء قررت أن تصدر للعالمين فيروسا جديدا، وبدا فيروس كرونا الجديد يتصدر نشرات الأخبار وعناوين الصحف ومخاوف الناس الجبناء أمثالي.

صحيح أن الصين أغلقت مدنا بكاملها وحولتها إلى مدن أشباح مع أن سكان تلك المدن يزيد عددهم على 25 مليون إنسان، تخوفا من انتشار الوباء إلى خارجها، لكن شخصا واحدا ينفذ من هذا الحصار كفيل بنقل الفيروس معززا مكرما إلى تجمعات بشرية أخرى.

كثيرون من أهل الشأن الذين سألتهم وأبديت لهم مخاوفي قالوا لي بأن الفيروس الجديد ليس خطيرا جدا وأنه أخف وأقل فتكا بكثير من فيروسات من العائلة نفسها سبق أن انتشرت في أعوام سابقة مثل فيروس «سارس» سيئ الذكر والسمعة.

ومنظمة الصحة العالمية قالت بأن الأمر لم يصل بعد إلى أن تعلن حالة طوارئ عالمية، وأن الأمور تحت السيطرة حتى تاريخ كتابة هذا المقال.

وتكمن خطورة مثل هذه الفيروسات في سرعة وسهولة انتشارها عن طريق العدوى وليس في كمية الفتك والقتل، ففيروس انفلونزا الخنازير والطيور وسارس وكورونا وجميع أفراد هذه العائلة الفيروسية لم تتسبب في مقتل ووفاة حتى 1% من الذين قتلتهم فيروسات أخرى مثل فيروس بشار وإنفلونزا خامنئي وحمى حسن نصر الله ووباء الصهيونية.

ومع هذا فإن العالم لا يتعامل مع هذه الفيروسات بالطريقة التي تحد من انتشارها القاتل الذي يفتك بالناس ويسلبهم أعمارهم بطريقة أبشع مما يفعل أي فيروس آخر يتصدر نشرات الأخبار في هذه الأيام. ويبدو أن العالم يحترم الفيروس القاتل إذا لم يكن معديا، ولا يخترع له دواء في أقل من أسبوع كما فعلت الصين مع الفيروس الجديد حين أعلنت أنها توصلت إلى لقاح لعلاجه والوقاية منه.

وعلى أي حال..

زيادة الحرص والوقاية بعد التوكل على الله أمور كفيلة بأن تبعد الأمراض التي تنقل عن طريق العدوى وتصيب الجهاز التنفسي، وأظن الأمر ينطبق أيضا على الأمراض التي تصيب الجهاز العقلي ومراكز التفكير في الدماغ، الابتعاد عن الخطب والشعارات والقنوات الإخبارية بعد التوكل على الله كفيل بأن يحميك من اللوثة العقلية التي تجعلك تميل إلى تصديق ما لا يمكن تصديقه.

agrni@