في الجامعات.. زيادة الأعداد إرباك في الإعداد!
الجمعة - 17 يناير 2020
Fri - 17 Jan 2020
زيادة أعداد الطلاب في الجامعات الأمريكية والبريطانية غالبا ما تكون مؤشرا إيجابيا، لأنها تعكس مدى قوة الجامعة وأهمية برامجها وكذلك سمعتها على المستويين المحلي والدولي، وبالتالي زيادة العوائد المالية للجامعة، ولكن الأمر بالنسبة لجامعاتنا المحلية مختلف نوعا ما، فزيادة الأعداد ليست بالضرورة أن تكون مقياسا أو مؤشرا صحيحا على قوة الجامعات وتفوق برامجها، بل على العكس، فقد تكون عبئا تتحمله الجامعة، والسبب في ذلك أنها الجامعات المحلية ذات الأعداد الكبيرة جامعات مدعومة من قبل الدولة دعما كاملا، والطالب ينال مكافأة شهرية على انتظامه في الدراسة، وبالتالي يتوجب على الجامعة استيعاب أكبر عدد ممكن من الطلاب حتى تظهر بمظهر الجامعة المسؤولة أمام الدولة.
وعلى أن زيادة أعداد الطلاب في الجامعات الأمريكية والبريطانية يعني زيادة المدخولات المالية لها، وهذا هدف من أهدافها الأساسية، إلا أننا نلاحظ أن هناك تقنينا لأعداد الطلاب المقبولين، فلا يتم القبول على حساب جودة البرامج المقدمة أو الخطط الدراسية، ولا يتم على حساب الطاقة الاستيعابية لمرافق الجامعة، وهذا يعني أن الجامعات هناك تعمل على خطط استراتيجية واضحة وطرق منهجية محددة، وليس كما نعمل نحن، نقبل لمجرد القبول، ثم إذا حدث إخفاق ما لا ندري على من نلقي باللائمة، هل نلقي بها على الأساتذة أم على الإدارة أم نضع كل لومنا وسخطنا على الطلاب!
حسب إحصاءات مكتب القبول بجامعة بيركيلي، وهي الجامعة الأولى على مستوى العالم، فإن عدد الطلاب فيها تقريبا هو 35 ألف طالب، تتنوع تخصصاتهم بين 350 تخصصا، وكذلك أيضا حسب إحصاءات مكتب القبول بجامعة استانفورد فإن عدد طلابها تقريبا 17 ألف طالب، نصفهم أو أكثر من طلاب الدراسات العليا، وفي جامعتي أوكسفورد وكامبريدج لا يزيد عدد الطلاب فيهما على 20 ألف طالب بما فيهم طلاب الدراسات العليا، بينما وحسب إحصاءات مركز الإحصاء ودعم القرار بوزارة التعليم نجد على سبيل المثال؛ أن جامعة أم القرى بها 107 آلاف طالب منهم 3 آلاف فقط طلاب دراسات عليا، ونلاحظ من الإحصاءات ذاتها أن جامعة الملك عبدالعزيز وهي أكبر الجامعات المحلية والأولى على مستوى المملكة والوطن العربي في التصنيف الدولي، بها 164 ألف طالب، منهم نحو 6 آلاف من طلاب الدراسات العليا، ولعلنا نلاحظ الفرق الكبير في الكم والكيف بيننا وبينهم!
وحسب الإحصاءات السابقة يمكن القول إن جامعة الملك عبدالعزيز تعادل تقريبا من حيث أعداد الطلاب عشر جامعات في حجم جامعة استانفورد، بينما جامعة أم القرى تعادل 5 جامعات في حجم جامعة أوكسفورد أو جامعة كامبيرج! بل لو نظرنا لجامعاتنا الناشئة لوجدناها كلها أكبر عددا في الطلاب وأكثر مرافق أكاديمية ومراكز علمية إذا ما قورنت بأكبر وأعرق الجامعات الأمريكية، وهذا الأمر في الواقع ليس سلبيا، ولكن يمكن أن يكون كذلك إن نحن أخطأنا في إدارة الجامعات بما يجعلها أو يجعل فروعها جامعات مستنسخة من بعضها البعض، والأخطاء تنتقل بالتبعية من الأصل إلى الفرع وهكذا.
في إحدى المناسبات استضافت جامعة محلية أستاذا كنديا بارزا، وكنت قد قابلته شخصيا، واصطحبته إلى جامعة أخرى، فلما رأى الحرم الجامعي أصيب بالدهشة والذهول، وقال لي: لديكم جامعات كبيرة جدا، وكثيرة المباني، وجميلة التصميم، ويحق لكم أن تفتخروا بهذه الصروح العلمية العظيمة، وهو محق فيما قال، فجامعاتنا كبيرة وجميلة، ولكنها تحتاج لعمل أكاديمي يوازي هذه السعة، وهذه البنية التحتية القوية، ويوازي أيضا ما تصرفه وتبذله الدولة من أجل تفوق وتميز الطاقات البشرية المحلية.
لماذا لا نقسم هذه الجامعات الكبيرة، خاصة تلك التي لها فروع كثيرة، ونعطيها الاستقلالية في العمل! فإننا إن فعلنا ذلك فعلى الأقل نضمن عدم استنساخها من الجامعات الأم، بل وننوع في أسلوب الإدارة، والصبغة الأكاديمية، والتخصصات العلمية، ولا نقع في أخطاء مستنسخة أو مكرورة، وليكن الهدف من هذا التقسيم - إن شئتم- هو منح فروع الجامعات المنقسمة استقلالية الإدارة، والتحرر من تبعية القرارات الخاطئة في الجامعات الأم، ولا إشكال في استقلالية المسمى، ومثل هذا الأمر إن حدث فسوف نستفيد الاستفادة القصوى من جامعاتنا المحلية، بما يضعها في الطليعة، ويهيئها لما ترسمه وتأمله الدولة من هذا القطاع الحيوي المهم.
أظننا في مثل حالات التضخم هذه بحاجة لتوزيع الأعداد والدعم الحكومي بشكل صحيح، وبحاجة أمس لأن نعي ضرورة تقليل أثر الأخطاء في الإدارات الأكاديمية، ومكافحة عدوى انتشارها بين الجامعات، وما أحوجنا للشجاعة الأدبية التي من خلالها نستطيع تحرير فروع جامعاتنا من التبعية في القرارات التقليدية المركزية، ومن البيروقراطية المتغلغلة في مفاصلها وسائر أعضائها، والتي هي على أرجح الظن لا تخدم إلا أغراض ومصالح بعض الإدارات النمطية في الأداء والمستنسخة في الإبداع والابتكار، وأظنه قد حان الأوان لانبثاق جامعات جديدة لعصر جديد وبإدارات جديدة!
وعلى أن زيادة أعداد الطلاب في الجامعات الأمريكية والبريطانية يعني زيادة المدخولات المالية لها، وهذا هدف من أهدافها الأساسية، إلا أننا نلاحظ أن هناك تقنينا لأعداد الطلاب المقبولين، فلا يتم القبول على حساب جودة البرامج المقدمة أو الخطط الدراسية، ولا يتم على حساب الطاقة الاستيعابية لمرافق الجامعة، وهذا يعني أن الجامعات هناك تعمل على خطط استراتيجية واضحة وطرق منهجية محددة، وليس كما نعمل نحن، نقبل لمجرد القبول، ثم إذا حدث إخفاق ما لا ندري على من نلقي باللائمة، هل نلقي بها على الأساتذة أم على الإدارة أم نضع كل لومنا وسخطنا على الطلاب!
حسب إحصاءات مكتب القبول بجامعة بيركيلي، وهي الجامعة الأولى على مستوى العالم، فإن عدد الطلاب فيها تقريبا هو 35 ألف طالب، تتنوع تخصصاتهم بين 350 تخصصا، وكذلك أيضا حسب إحصاءات مكتب القبول بجامعة استانفورد فإن عدد طلابها تقريبا 17 ألف طالب، نصفهم أو أكثر من طلاب الدراسات العليا، وفي جامعتي أوكسفورد وكامبريدج لا يزيد عدد الطلاب فيهما على 20 ألف طالب بما فيهم طلاب الدراسات العليا، بينما وحسب إحصاءات مركز الإحصاء ودعم القرار بوزارة التعليم نجد على سبيل المثال؛ أن جامعة أم القرى بها 107 آلاف طالب منهم 3 آلاف فقط طلاب دراسات عليا، ونلاحظ من الإحصاءات ذاتها أن جامعة الملك عبدالعزيز وهي أكبر الجامعات المحلية والأولى على مستوى المملكة والوطن العربي في التصنيف الدولي، بها 164 ألف طالب، منهم نحو 6 آلاف من طلاب الدراسات العليا، ولعلنا نلاحظ الفرق الكبير في الكم والكيف بيننا وبينهم!
وحسب الإحصاءات السابقة يمكن القول إن جامعة الملك عبدالعزيز تعادل تقريبا من حيث أعداد الطلاب عشر جامعات في حجم جامعة استانفورد، بينما جامعة أم القرى تعادل 5 جامعات في حجم جامعة أوكسفورد أو جامعة كامبيرج! بل لو نظرنا لجامعاتنا الناشئة لوجدناها كلها أكبر عددا في الطلاب وأكثر مرافق أكاديمية ومراكز علمية إذا ما قورنت بأكبر وأعرق الجامعات الأمريكية، وهذا الأمر في الواقع ليس سلبيا، ولكن يمكن أن يكون كذلك إن نحن أخطأنا في إدارة الجامعات بما يجعلها أو يجعل فروعها جامعات مستنسخة من بعضها البعض، والأخطاء تنتقل بالتبعية من الأصل إلى الفرع وهكذا.
في إحدى المناسبات استضافت جامعة محلية أستاذا كنديا بارزا، وكنت قد قابلته شخصيا، واصطحبته إلى جامعة أخرى، فلما رأى الحرم الجامعي أصيب بالدهشة والذهول، وقال لي: لديكم جامعات كبيرة جدا، وكثيرة المباني، وجميلة التصميم، ويحق لكم أن تفتخروا بهذه الصروح العلمية العظيمة، وهو محق فيما قال، فجامعاتنا كبيرة وجميلة، ولكنها تحتاج لعمل أكاديمي يوازي هذه السعة، وهذه البنية التحتية القوية، ويوازي أيضا ما تصرفه وتبذله الدولة من أجل تفوق وتميز الطاقات البشرية المحلية.
لماذا لا نقسم هذه الجامعات الكبيرة، خاصة تلك التي لها فروع كثيرة، ونعطيها الاستقلالية في العمل! فإننا إن فعلنا ذلك فعلى الأقل نضمن عدم استنساخها من الجامعات الأم، بل وننوع في أسلوب الإدارة، والصبغة الأكاديمية، والتخصصات العلمية، ولا نقع في أخطاء مستنسخة أو مكرورة، وليكن الهدف من هذا التقسيم - إن شئتم- هو منح فروع الجامعات المنقسمة استقلالية الإدارة، والتحرر من تبعية القرارات الخاطئة في الجامعات الأم، ولا إشكال في استقلالية المسمى، ومثل هذا الأمر إن حدث فسوف نستفيد الاستفادة القصوى من جامعاتنا المحلية، بما يضعها في الطليعة، ويهيئها لما ترسمه وتأمله الدولة من هذا القطاع الحيوي المهم.
أظننا في مثل حالات التضخم هذه بحاجة لتوزيع الأعداد والدعم الحكومي بشكل صحيح، وبحاجة أمس لأن نعي ضرورة تقليل أثر الأخطاء في الإدارات الأكاديمية، ومكافحة عدوى انتشارها بين الجامعات، وما أحوجنا للشجاعة الأدبية التي من خلالها نستطيع تحرير فروع جامعاتنا من التبعية في القرارات التقليدية المركزية، ومن البيروقراطية المتغلغلة في مفاصلها وسائر أعضائها، والتي هي على أرجح الظن لا تخدم إلا أغراض ومصالح بعض الإدارات النمطية في الأداء والمستنسخة في الإبداع والابتكار، وأظنه قد حان الأوان لانبثاق جامعات جديدة لعصر جديد وبإدارات جديدة!