طارق جابر

طب القهوة.. وداوني بالتي كانت هي الداء

الخميس - 16 يناير 2020

Thu - 16 Jan 2020

إذا كان ما أسكر كثيره فقليله حرام، هل ما ضر كثيره فقليله مضر؟ وهل ما أفاد قليله فكثيره أيضا مفيد؟ هذا هو مدخلنا لتقييم القهوة طبيا.

منذ أن أصدرت هيئة الصحة الكندية تقريرها المرجعي عن استخدام وآثار الكافيين عام 2003 إلى اليوم، صدر أكثر من عشرة آلاف دراسة وبحث عن هذا الموضوع. ولكيلا تلتبس الأمور علينا هناك بعض النقاط يجب أن نتفق عليها في البداية. أولا، أن القهوة ليست الكافيين فقط، بل هي خليط غني من المركبات والعناصر، وبالتالي فإن بعض الظواهر الصحية التي ثبتت علاقتها بالقهوة تأكد حدوثها حتى مع القهوة منزوعة

الكافيين، ومثال ذلك حرقة المعدة وارتجاع المريء والحكة الشرجية.

ثانيا، بعض الأعراض قد تكون تأثيرا سلبيا أو إيجابيا حسب حاجة الإنسان، ومثال ذلك السهر. التركيز أيضا والتأثير يختلفان حسب طريقة إعداد القهوة وتحميصها، وبناء على طبيعة الشارب (صغار السن، المرأة الحامل) وحسب استعداده الجيني.

إذا تخطينا موضوع الإدمان والاعتماد اللذين سبق وتطرقنا إليهما، سنجد أن الدراسات ركزت على جوانب يعتقد أن للقهوة تأثيرا قويا عليها، وأهمها أمراض القلب وهشاشة العظام والصداع وآلام المعدة، والخصوبة، والسلوك، وكذلك علاقتها بالحمل ومختلف مراحل العمر.

باختصار، أشارت الدراسات إلى أن الأعراض السلبية إن وجدت لا تظهر عند استهلاك الإنسان للقهوة بالقدر الموصى به، بل أشار كثير من الدراسات إلى تأثير إيجابي عند تناول القهوة بانتظام بكميات قليلة، ومن ذلك انخفاض نسبة الإصابة بأمراض القلب، أما حدوث الخفقان وارتفاع الضغط فيحدثان عند قليل من الناس فقط، لاستعداد جسدي لديهم أو بعد استهلاك كميات أكثر من المسموح به. وأشارت دراسات إلى أن من يتناولون كميات معتدلة من القهوة أقل احتمالا للإصابة بمرض الزهايمر وبعض الأورام ويعيشون أطول.

ولكن تبقى كلمة السر هنا: ما هو تعريف الكثير والقليل؟ أعادت صحة كندا نشر توصياتها مرة أخرى عام 2017، وفيها أنه لتجنب الأعراض السلبية كالتوتر والأرق والصداع، يجب أن يتناول البالغ السليم أقل من 400 ملجم من الكافيين في اليوم، أي ما يعادل 3 أكواب من القهوة الأمريكية، مع ملاحظة أن القهوة العربية الشقراء على الطريقة الخليجية تحتوي على كميات أقل بكثير، نحو 30-40 ملجم للفنجان الكبير 30 ملل، وتزيد كلما زاد التحميص مثل الطريقة الأردنية السمراء، أو كلما طال الغليان، كما أن الهيل يقي من بعض التأثير على القلب.

أما لدى الحوامل فلا يجب تجاوز الـ 300 ملجم، وتقل الكمية عند المراهقين والصغار، علما أن هناك مصادر أخرى للكافيين، مثل الشاي ومشروبات الطاقة وغيرها.

والآن سنتوقف هنا لأن مزيدا من الحديث عن الجوانب الصحية للقهوة يتطلب تناول أكثر من ثلاثة أكواب منها، وهذا ما حذرنا منه الكنديون.

drtjteam@