جبريل العريشي

التصنيع الرقمي المستدام باستخدام الطباعة ثلاثية الأبعاد

الأحد - 12 يناير 2020

Sun - 12 Jan 2020

أحدثت الطباعة ثلاثية الأبعاد ثورة في طريقة تصنيع المنتجات، حيث أتاحت تصنيعها بصورة رقمية دون المرور بمراحل التصنيع التقليدية المعروفة، مستخدمة في ذلك المواد التي تحتاج إليها فقط في التصنيع، ومن ثم تضمن عدم وجود هدر في المواد الخام، إضافة إلى ذلك فهي قادرة على إعادة استخدام نفايات المواد الخام الناتجة عن التصنيع.

لذا فهي تحقق مفهوم الاستدامة، ويتم اعتبارها من طرق التصنيع المستدامة، فعند صناعة كرسي معدني مثلا بالطريقة التقليدية فإنه يجري تصميمه بواسطة المصمم، ثم تشكيله في عمليات متتالية من الصب والتجميع والتشكيل واللحام والتلميع والتشطيب، بما يستهلكه ذلك من المواد والوقت. فإذا لم يكن مستوفيا للمواصفات المطلوبة فستكرر كل العمليات السابقة.

أما عند تصنيعه باستخدام تقنية الطباعة ثلاثية الأبعاد، فيجري تبسيط العملية برمتها إلى حد كبير، حيث يجري تصميم النموذج الأولي باستخدام برنامج التصميم الحاسوبي CAD، أو التقاط صورة لهذا النموذج باستخدام الماسح الضوئي ثلاثي الأبعاد، ثم تقسيم التصميم ثلاثي الأبعاد للمنتج إلى طبقات رقيقة جدا باستخدام البرمجيات الحاسوبية، ثم طباعة هذه الطبقات الرقيقة - باستخدام الطابعات ثلاثية الأبعاد - طبقة فوق طبقة، وفي كل طبقة، تعمل رؤوس الطباعة بصورة مماثلة لما هو موجود في طابعات سطح المكتب، إلا أنها بدلا من أن تبث الحبر، تبث المواد الخام المختلفة في صورة سائلة، فيجري ترسيبها طبقا لدرجات الظلال والألوان الموجودة في الطبقة حتى تتم طباعتها، وبالتالي عدم أي مادة.

ومن هنا فإنه يطلق على هذا الأسلوب: التصنيع بالإضافة additive manufacturing، وهو عكس أسلوب التصنيع بالطرح subtractive manufacturing الذي تبدأ فيه عملية التصنيع باستخدام كتلة من المادة الخام، ثم إزالة أجزاء منها أو نحتها باستخدام إزميل للنحت على سبيل المثال، بحيث تصل إلى شكل المنتج النهائي مصحوبا بهدر في المادة الخام.

والمواد الخام التي تستخدم في الصناعة بواسطة الطباعة ثلاثية الأبعاد هي نفسها التي تستخدم في طرق التصنيع التقليدي، مثل المواد البلاستيكية أو المعدنية أو الزجاجية، وذلك حسب الخواص النهائية المرغوبة في المنتج النهائي، ولكن بصورة سائلة.

وقد تطورت تلك المواد الخام بصورة كبيرة، حتى إنه يمكن الآن استخدام الأنسجة البشرية والحيوانية كمادة للطباعة ثلاثية الأبعاد، وذلك في التطبيقات الطبية التي تزرع فيها المواد البشرية أو الاصطناعية داخل جسم الإنسان، ويتراوح حجمها وسمكها من ميكرون وسنتيمترات. لكن هناك تحديات كبيرة يجب التغلب عليها في مثل هذه التطبيقات، مثل أن تكون المواد المصنعة لا يجري التخلص منها، وأن تكون قادرة على العمل لفترة طويلة وهي مغمورة في سوائل الجسم، أو أن تكون مواد لا يرفضها الجسم، أو غير ذلك من المحاذير الطبية التي تندرج أساليب مواجهتها ضمن سبل تحقيق الاستدامة للطباعة ثلاثية الأبعاد في التطبيقات الطبية.

[email protected]