آلاء لبني

الحلقة الأضعف

الجمعة - 10 يناير 2020

Fri - 10 Jan 2020

تتشكل صورة المجتمعات وفقا لطريقة التعامل مع عدد من القضايا كما ذكرت سابقا: المرأة، ذوو الاحتياجات الخاصة، الطفل. التعاطي مع قضايا الأطفال وحقوقهم ليس بالأمر البسيط على مستوى العالم، وتختلف زوايا القضية حسب جغرافية المكان واختلاف الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية. فمشاكل الأطفال في المناطق العشوائية أو الحروب تختلف تماما عن المشاكل في المناطق المستقرة.

نسعى للحصول على الشهادات العلمية، لنتأهل للعمل ولنطور من مهاراتنا وخبراتنا نستمر في التدريب والدورات المختصة، فضلا عن أهمية التعليم الذاتي المستمر! ولكن تأسيس وبناء أسرة وتربية الأبناء يجري دون تأهيل أو سعي نحو تحسين وتطوير المعرفة التربوية، والتجربة تنطلق مع قدوم الأبناء وخليط من النصائح هنا وهناك، ومعرفة تراكمية تزداد بزيادة عدد الأولاد! فتجد الابن الأول عومل بفرط من العنف أو الدلال عكس الطفل الأخير تماما.

نخطئ كمجتمع دوما في كثير من قراراتنا التربوية لقلة درايتنا ووعينا وثقافتنا في هذا المجال. للأسف هناك قدر كبير من عدم تحمل المسؤولية تجاه الأطفال من الوالدين لفرط الجهل أو عدم الاكتراث، وصدقا من الظلم أن ننجب الأبناء لنتفاخر بهم عددا ونضيعهم بفرط التسلط أو نهملهم أو لا نعلمهم المسؤولية.

نسمع عن دورات المقبلين على الزواج مع أني لا أتفق دوما مع ما يطرح فيها من اجتهادات لجمع مورثات وتلقينها! ولكن لا نسمع كثيرا عن دورات تأهيل الأم والأب لقدوم طفل! ونعاني من قلة المراكز المختصة للإرشاد التربوي! فأعظم استثمار ورسالة تدار دون منهجية!

نعاني من مشاكل تحتاج لحلول مثل: إحباط الأولاد، وتنامي الشعور بعدم الانتماء، التنمر، اللا مبالاة ..إلخ.

تلزم اتفاقية حقوق الطفل حتى عمر الثامنة عشرة الدول بحق الرعاية والمساواة وعدم التمييز بين الأطفال، والاهتمام بالتعليم والصحة وعدم الاستغلال الجنسي والاقتصادي، وتمنع أي مساس بالشرف أو السمعة أو الكرامة أو الإيذاء أو التسلط.. إلخ. ليس الهدف شرح الاتفاقية ولكن الهدف التنويه لغرابة ما دار من إثارة البعض للسماح بضرب الطلاب!

خلال الشهر الماضي ضجت الميديا بحديث المدارس وأوضاعها، إثر مقطع فيديو لحادثة تنمر وضرب في إحدى المدارس! ومثقف وكاتب يطالب بالسماح بالضرب لعودة الهيبة المزعومة! ليحل بالعصا السحرية مشكلة التنمر وغيره!

أما بالنسبة لما يكتب لتبرير الغوغائية والمطالبة بالهيبة ودفاع المعلم عن نفسه! فأقول هل هو في ثغر من الثغور أم ماذا؟ ماذا يقول رجل الأمن إذن؟! ماذا يقول رجل المرور؟! لماذا لا نسمع رجال المرور يتذمرون من ضياع هيبتهم من غوغاء الشوارع والسائقين!

لائحة قواعد السلوك تتضمن قواعد تخص التعدي بين الطلاب والتعدي على المعلم والإدارة، وهناك درجات وما بعد الدرجة الرابعة تشتد العقوبات لحد الفصل وغيره، وإن كان هناك خلل في تطبيقها أو ضعف في أي جوانب فتعالج وتطور. وليس الحل المناداة بأساليب منتهية الصلاحية! وضع الكاميرات والمراقبة هي الأساس، ضبط المخالفات، ضبط الحصص ووجود المشرفين وعدم ترك الطلاب!

دائما في نقاش هذه المواضيع تسمع أصواتا تتباكى على معاناة من يعمل بالمدارس، وتجد الناقمين والراغبين بالجلد! الاحترام بين الجميع أمر لا بد منه.

الطالب هو الحلقة الأضعف، دائما إن أردت أن يسود الحق والعدل في أي مكان ابدأ بالحلقة الأضعف وأعطها احتياجاتها، أما القوي فيعرف كيف يأخذ حقه. أين نحن من قول سيد المرسلين عليه أفضل الصلاة والتسليم «إن الله رفيق يحب الرفق ويعطي على الرفق ما لا يعطي على العنف وما لا يعطي على ما سواه»، ألا يكفي ما يواجه الطلاب من العنف في بعض المدارس التي لا تتقيد بالأنظمة، لم يتوقف الضرب بمدارسنا يوما، إنما تقيد وقل، بعض المدارس تلجأ إلى الضرب المبرح للطلاب حين يخطئون أخطاء كبيرة، والطالب يسكت خوفا من تطبيق لوائح السلوك عليه.

إحدى المشاكل التي نعاني منها التنمر الذي ينطلق أحيانا من الإدارة والمعلمين على الطلاب، والطلاب فيما بينهم، هي دائرة، والقاعدة السلوكية تؤكد أن ممارسة العنف تولد العنف، والرواسب تختبئ في الأعماق وتظهر على شكل تسلط وعنف موجه على من يمثلون الحلقة الأضعف، سواء في الأسرة وبين الزملاء والأقران وعلى الخدم والأطفال.

يجب أن نسمع أصوات العقلاء في كيفية محاربة التنمر والعنف الموجود في مجتمعاتنا في الأسرة والمدرسة والشارع والعمل! مستقبل هذا البلد مرهون بقوة الأجيال القادمة، هم أمانة، والعمر المدرسي تتبلور فيه الشخصية بشكل كبير، وتكثر فيه الممارسات الخاطئة التي تضر بالأفكار والميول والصحة والسلامة، ليتنا نخطط لمواجهة تلك الممارسات لنقلل من آثارها، سواء في المنزل أو المدرسة..إلخ. كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته. فليؤد كل أمانته.

@AlaLabani_1