القهوة.. أدمنت هواكِ
الخميس - 09 يناير 2020
Thu - 09 Jan 2020
أنا من شاربي القهوة الجادين. ورغم التعليقات السلبية التي تصف من يجاهرون بحبهم للقهوة والقراءة وفيروز بانهم أدعياء ثقافة متكلفون، إلا أنني أحب الثلاث. أما كوني في الجانب الآخر طبيبا، فكثيرة هي الأسئلة التي يطرحها علي المرضى التي يكون موضوعها القهوة، سواء علاقتها بعملية جراحية تمت أو ستجرى أو لانعكاساتها الصحية بصفة عامة.
في البداية، هل تعلق بعضنا بالقهوة هو موروث ثقافي أم سلوكي؟ وهل ينطبق عليه تعريف الإدمان؟ أم إن البعض مبرمجون وراثيا على حب القهوة!
هناك أدلة كثيرة لاستعداد جيني، ففي دراسة أجريت على الآلاف من محبي القهوة والمشروبات المحتوية على الكافيين وجد أن جين CYP1A2 هو المسؤول عن استقلاب الكافيين في الكبد، كما لوحظ أن هناك اختلافا في توريث هذا الجين من شخص لآخر. وجد الباحثون أيضا أن الأفراد الذين يحملون الجين المسمى PDSS2 يميلون لشرب القهوة بمعدلات أقل مقارنة بأولئك الذين لا يحملون الجين نفسه في حمضهم النووي. هذا الجين يبطئ من معالجة الجسم للكافيين، ويحفز على شرب كمية أقل من القهوة.
أما إذا كان هناك شيء اسمه إدمان القهوة فمن المفيد أن نعرف بداية أن تعلق الإنسان بمركب كيميائي بغض النظر عن ماهيته قد يتراوح بين اللذة والإدمان، مرورا بالتعود ثم الاعتماد، والإدمان تعريفا له ضوابط، منها مثلا حدوث أعراض معينة عند الانقطاع عن المؤثر، وعدم القدرة على تركه عند الرغبة في ذلك، وعدم القدرة على البقاء والأداء بعد أن يزول تأثير المؤثر، وأن تكون له آثار ضارة على الإنسان على أكثر من صعيد.
لم تنطبق شروط الإدمان عل القهوة على الرغم من آلاف الدراسات والأبحاث، إلا أن منظمة الصحة العالمية أدرجت ما سمي (متلازمة أو مرض الاعتماد على الكافيين)، كحالة مرضية في (التصنيف الإحصائي للأمراض والمشاكل الصحية - النسخة العاشرة ICD-10) مع وصف للتأثيرات الإدراكية والسلوكية والجسمانية التي قد تنتج عن عدم تناول الكافيين لمن لديه (اعتماد) عليه (الكافين هو العنصر الكيميائي الأساسي في القهوة والشاي ومشروبات الطاقة ومشروبات الكولا الغازية).
أما الجمعية الأمريكية للطب النفسي في كتابها المرجعي (الدليل التشخيصي والإحصائي للاضطرابات العقلية - النسخة الخامسة DSM-5) فأشارت إلى ضرورة إجراء مزيد من الدراسات والبحث، إلا أن شروط اضطرابات الإدمان المحددة لديهم لم تنطبق كلها كما أشرنا سابقا، بما يسمح باعتبار عشق الكافيين (القهوة في حالتنا هنا) حالة مرضية.
في الجانب الآخر قد يحدث ارتباط سلوكي بين تناول القهوة وبعض المؤثرات السلبية، مثل التدخين أو تناول الشوكلاته أو غيرها من الحلويات، بحيث يستجلب وجود أحدهما وجود الآخر، وهذا بحد ذاته قد يكون سببا لنوع آخر من المشاكل الصحية.
الآن سواء كنت من المقلين الهواة أم من المريدين المكثرين، بقي أن نعرف: هل القهوة شيء مفيد أم ضار؟ هذا ما سنناقشه على فنجان قهوة المرة المقبلة.
drtjteam@
في البداية، هل تعلق بعضنا بالقهوة هو موروث ثقافي أم سلوكي؟ وهل ينطبق عليه تعريف الإدمان؟ أم إن البعض مبرمجون وراثيا على حب القهوة!
هناك أدلة كثيرة لاستعداد جيني، ففي دراسة أجريت على الآلاف من محبي القهوة والمشروبات المحتوية على الكافيين وجد أن جين CYP1A2 هو المسؤول عن استقلاب الكافيين في الكبد، كما لوحظ أن هناك اختلافا في توريث هذا الجين من شخص لآخر. وجد الباحثون أيضا أن الأفراد الذين يحملون الجين المسمى PDSS2 يميلون لشرب القهوة بمعدلات أقل مقارنة بأولئك الذين لا يحملون الجين نفسه في حمضهم النووي. هذا الجين يبطئ من معالجة الجسم للكافيين، ويحفز على شرب كمية أقل من القهوة.
أما إذا كان هناك شيء اسمه إدمان القهوة فمن المفيد أن نعرف بداية أن تعلق الإنسان بمركب كيميائي بغض النظر عن ماهيته قد يتراوح بين اللذة والإدمان، مرورا بالتعود ثم الاعتماد، والإدمان تعريفا له ضوابط، منها مثلا حدوث أعراض معينة عند الانقطاع عن المؤثر، وعدم القدرة على تركه عند الرغبة في ذلك، وعدم القدرة على البقاء والأداء بعد أن يزول تأثير المؤثر، وأن تكون له آثار ضارة على الإنسان على أكثر من صعيد.
لم تنطبق شروط الإدمان عل القهوة على الرغم من آلاف الدراسات والأبحاث، إلا أن منظمة الصحة العالمية أدرجت ما سمي (متلازمة أو مرض الاعتماد على الكافيين)، كحالة مرضية في (التصنيف الإحصائي للأمراض والمشاكل الصحية - النسخة العاشرة ICD-10) مع وصف للتأثيرات الإدراكية والسلوكية والجسمانية التي قد تنتج عن عدم تناول الكافيين لمن لديه (اعتماد) عليه (الكافين هو العنصر الكيميائي الأساسي في القهوة والشاي ومشروبات الطاقة ومشروبات الكولا الغازية).
أما الجمعية الأمريكية للطب النفسي في كتابها المرجعي (الدليل التشخيصي والإحصائي للاضطرابات العقلية - النسخة الخامسة DSM-5) فأشارت إلى ضرورة إجراء مزيد من الدراسات والبحث، إلا أن شروط اضطرابات الإدمان المحددة لديهم لم تنطبق كلها كما أشرنا سابقا، بما يسمح باعتبار عشق الكافيين (القهوة في حالتنا هنا) حالة مرضية.
في الجانب الآخر قد يحدث ارتباط سلوكي بين تناول القهوة وبعض المؤثرات السلبية، مثل التدخين أو تناول الشوكلاته أو غيرها من الحلويات، بحيث يستجلب وجود أحدهما وجود الآخر، وهذا بحد ذاته قد يكون سببا لنوع آخر من المشاكل الصحية.
الآن سواء كنت من المقلين الهواة أم من المريدين المكثرين، بقي أن نعرف: هل القهوة شيء مفيد أم ضار؟ هذا ما سنناقشه على فنجان قهوة المرة المقبلة.
drtjteam@