فهيد العديم

هل حقا مات قاسم سليماني!

الاثنين - 06 يناير 2020

Mon - 06 Jan 2020

بذريعة طائفية كان يُهلك الآلاف سنويا من أبناء جلدته ويبشر أهلهم - البسطاء - بأنه أرسلهم إلى الجنة، بالأمس ذهب هو في رحلته النهائية إلى جحيم سوء أعماله، ولم تبكه في الحقيقة إلا دموع الساسة الذين فقدوا آلة جيدة كانت تسحل الجثث كي تضمن لعنجهيتهم الحياة، كانت لعبة (الطائفية) مسلية له. الطائفية أن تعطي للشخص البسيط سلاحا، وتقنعه بمواصفات أولئك الذين يعتبر قتلهم فضيلة! بهذا المنطق قد يتنبه أحدهم بأنك أنت تشكل خطرا على الفكرة التي زرعتها في رأسه، هذه رحلة سليماني حيث دأب على إشعال النار في كل أرجاء المنطقة، وكان من المنطقي جدا أن يموت محترقا، الغريب لو أنك صنعت أدوات وطُرق القتل ووزعت الأسلحة ثم لم تمت مقتولا!

ما يقال عن قاسم سليماني يقال عن حكومته: سوء قراءة للواقع، وربما ثقة مطلقة في الشخص الخطأ، حيث كانت إيران خلال الفترة الماضية تشاغب وتشاكس وتستفز بحثا عن رد أمريكي يخفف الضغط عن الداخل المحتقن، دفعها إلى ذلك الثقة بأن ترمب هو الذي دوما يتحاشى أن يدخل حربا بل وينتقد ذلك، لذا كانت هذه الإشارة محفزة لطهران لتستمر بعربدتها، كانت تبحث عن رد أمريكي محدود، لكن الرد كان موجعا أكثر مما توقعت وتمنت، فسليماني ليس مجرد قائد عسكري كبير، لكن له أكثر من رمزية، سواء في دول المنطقة أو حتى على الصعيد الدولي، سليماني ليس مجرد شخص، بل له رمزية تمثل أذرع إيران في دول المنطقة، فقتله يعني أن أمريكا تستهدف الأذرع الإيرانية في كل مكان، ولأنه في كل الأحوال لن تذهب إيران لأي مواجهة مباشرة، ودائما ترد عبر أذرعتها في المنطقة وتهدد بها، لكن هذه المرة كانت الضربة الموجعة موجهة للذراع! وهذا ما جعل قادة ميليشياتها في أقصى درجات الرعب، وهذا قدر الخونة دوما، فهم إما سيكونون جزءا من صفقة أو جزءا من حفلة الشواء، وبالتأكيد هم ليسوا مدعوين، لكنهم الرماد!

يشعرون بالرعب قبل ذلك لأن من يشتغلون عملاء لأجله لا يحترمهم، ومن عملوا ضدهم لا يثقون بهم، فعملاء إيران في المنطقة يعلمون جيدا أن إيران لا تحترمهم، فحتى الأعداء الذين يعمل الخائن معهم ضد وطنه لا يرونه أكثر من خائن وعميل حقير، ويعلمون أنه بمجرد أن تتغير قواعد اللعبة سيتخلون عنه بأبخس الأثمان.

ولنعد للسؤال: هل فعلا مات قاسم سليماني؟

لا شك أنه كذلك، لكنه كفكرة وكرمزية للتمدد الإيراني وزراعة المخالب القذرة في المنطقة، من الصعب الإجابة عن هذا السؤال، ما حدث كان ضربة موجعة لإيران، ورسالة لها بأن تعود كدولة طبيعية وتتخلى عن وهم التمدد، فقتل سليماني هو ضرب لهذه الفكرة، وأمام إيران فرصة لتصحيح الخطأ، وقبل ذلك عليها أن تفهم لماذا الرسالة كانت عبر قتل سليماني بالذات.

Fheedal3deem@