شاكر أبوطالب

بتر الذراع اليمين للنظام الإيراني!

الأحد - 05 يناير 2020

Sun - 05 Jan 2020

ليس غريبا أو عجيبا حزن شخصيات سياسية في العراق ولبنان وسوريا واليمن وفلسطين وتركيا بعد تلقيهم خبر مقتل قاسم سليماني، فمشاهد البكاء على هلاك الرجل الثاني في النظام الإيراني وتبادل التعازي، خاصة تلك الصادرة عن دول وحكومات وشخصيات سياسية في منطقة الشرق الأوسط، تؤكد اتساع شبكة المصالح المتبادلة للنظام الإيراني في المنطقة، والموقع المؤثر لسليماني داخل النظام الإيراني، وأهمية المشروع التوسعي بالنسبة لملالي الفرس.

على الأرض، اخترق النظام الإيراني المشهد السياسي في الشرق الأوسط، خاصة في الدول التي تعاني من عدم الاستقرار السياسي، مستثمرا حالة الفوضى الأمنية التي أصابت بعض الدول العربية، لشراء ورعاية مكونات وعناصر داخل اللعبة السياسية، وتشكيل وبناء جماعات مسلحة إرهابية ومدها بالعتاد والخبرة.

في السنوات العشر الأخيرة تكررت تصريحات قادة سياسيين وعسكريين في النظام الإيراني، أكدوا فيها تنامي تأثيرهم في عدد من الدول العربية والأفريقية والآسيوية، وبأنهم يسيطرون على أربع عواصم عربية، وهي بغداد وبيروت ودمشق وصنعاء، وبأنهم يحكمون فعليا العراق ولبنان.

عملية «البرق الأزرق» دفعت رئيس حكومة تصريف الأعمال العراقية عادل عبد المهدي للتصريح بأن قتل سليماني الإيراني يعتبر خرقا للسيادة العراقية! وكأن تجول سليماني في محافظات العراق واجتماعه بقيادات في الجيش والجماعات الإرهابية والمذاهب الدينية والأحزاب السياسية أمر عادي لا يمس سيادة العراق وأمنه! وتأكد ذلك بعد رفع الأعلام الإيرانية وحمل صور المرشد الأعلى للنظام الإيراني وأمين عام حزب إيران في لبنان أثناء تشييع سليماني والمهندس في بغداد.

نتج عن هلاك سليماني أوضح فرز سياسي في منطقة الشرق الأوسط، حيث تعاطف بعض قادة الدول ورؤساء الحكومات مع النظام الإيراني واصطفوا إلى جانبه، أبرزهم الرئيس التركي ورئيس النظام السوري والرئيس اللبناني، إلى جانب حركة حماس الفلسطينية، وزيارة المواساة التي قام بها وزير خارجية قطر! هذه المواقف ليست عبثية أو عفوية، بل هي إعلانات صريحة بالوقوف إلى جانب أحد أبرز قيادات الأنظمة الإرهابية والجماعات المسلحة في المنطقة، والمسؤول عن قتل الأبرياء في العراق وسوريا واليمن وأفغانستان ولبنان، والعقل المدبرة لعديد من عمليات الإرهاب والتخريب والتفجير والاغتيال في السعودية والكويت والبحرين وأمريكا.

يمثل قتل سليماني ضربة موجعة لخامئني، وإصابة مباشرة في عمق النظام الإيراني، وإضرارا واسعا بالمشروع التوسعي الفارسي، وفضحا لهشاشة القوة الإيرانية، يؤكد ذلك المشاركة الاستثنائية لخامئني في الاجتماع الطارئ للمجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني، ومطالبته المجتمعين بضرورة البحث عن رد قاس ومؤلم لأمريكا، وربما لحلفائها. ولست أراه إلا صيغة أخرى من «الهياط» والمبالغة التي ينتهجها النظام الإيراني منذ عشرين عاما تقريبا، وإظهار إيران كأمة منتجة وقوة مؤثرة في المنطقة.

المؤكد هو أن العقوبات والقرارات الأمريكية تسببت في كثير من الضرر للنظام الإيراني، حيث تعرضت مشاريعه التوسعية وميليشياته الإرهابية في المنطقة إلى ضغوط شديدة، فتقلصت ميزانياتها، وتأخرت رواتب قياداتها، وانكمشت أطرافها لحماية المكتسبات الماضية، وانتهاج سياسة النفس الطويل في محاولة للخروج من هذه الأزمة الخانقة.

لكن مقتل سليماني سيغير كثيرا من المشهد الداخلي للنظام الإيراني، وسيلقي بظلاله على الأذرع الإرهابية لإيران في المنطقة، حيث باتت مشاريع التخريب الإيراني يتيمة ودون قيادة منسجمة وملتصقة بالمرشد الأعلى للإرهاب في العالم.