فيصل الشمري

الأفكار لها عواقب

السبت - 04 يناير 2020

Sat - 04 Jan 2020

جيدة أحيانا وسيئة في بعض الأحيان، وأحيانا تكون كارثية، مثل أفكار كارل ماركس! ولد ماركس في ترير بألمانيا عام 1818، لم يخترع الشيوعية، لكن بناء على أفكاره، بنى لينين وستالين الاتحاد السوفيتي، وبنى ماو الصين الشيوعية، وطغى عدد لا يحصى من الطغاة والأباطرة، من كيم في كوريا الشمالية إلى كاسترو في كوبا. في النهاية، تلك الأنظمة والحركات التي تطلق على نفسها «الماركسية» قتلت نحو 100 مليون شخص واستعبدت أكثر من مليار شخص. اعتقد ماركس أن العمال، وتحديدا أولئك الذين يقومون بأعمال يدوية استُغلوا على أيدي الرأسماليين الذين يمتلكون كما قال ماركس «وسائل الإنتاج» على وجه التحديد المصانع لكنهم قاموا بعمل بدني قليل للغاية.

كتب ماركس «فقط ثورة عمالية هي التي تستطيع تصحيح هذا الظلم». كيف ستبدو تلك الثورة؟ ماركس وعاونه فريدريك إنجلز بتوضيح الأمر نقطة تلو أخرى في البيان الشيوعي. وشملت «إلغاء الملكية والميراث» و»مركزية الائتمان والاتصال والنقل في أيدي الدولة». وأكثر من ذلك بكثير! بمعنى آخر، تمتلك الدولة كل شيء وتسيطر عليه.

جرت مناقشة هذه الفكرة على نطاق واسع في الأوساط الفكرية الأوروبية خلال حياة ماركس، ولكن لم يأت شيء منها إلى أن تولى فلاديمير لينين السلطة في روسيا عام 1917. هذا غير كل شيء على الرغم من إخفاقاتها الاقتصادية المتكررة، روسيا لينين، وأصبحت تعرف باسم الاتحاد السوفياتي، وتعد أنموذجا للديكتاتوريين في جميع أنحاء العالم.

أينما تمارس أفكار ماركس تزداد الحياة سوءا ولا يوجد استثناء لهذه القاعدة، لا الاتحاد السوفيتي، ولا أوروبا الشرقية، ولا الصين، ولا كوريا الشمالية، ولا فيتنام، ولا كوبا، ولا فنزويلا، ولا بوليفيا، ولا زيمبابوي. أينما حلت الماركسية يتبعها الانهيار الاقتصادي والقمع والمجاعة. لذا، إذا كان الفشل الكارثي - أي المعاناة الإنسانية الفظيعة - هو الإرث الذي لا مفر منه للماركسية، فلماذا يدافع عنها كثير من الناس الآن، خاصة الشباب؟

الإجابة الأكثر شيوعا التي يقدمها دعاة الماركسية هي أن «هم» - أيا كان «هم»: لينين، ستالين، شافيز - لم يمارسوا الماركسية أبدا. إنهم جميعا أخطؤوا بطريقة أو بأخرى. يقال لنا إن الماركسية هي في جوهرها مشاركة ما لدينا «من كل حسب قدرته، إلى كل حسب احتياجاته»، على حد تعبير ماركس. ربما هذا يبدو جيدا لك ولكن ماذا يعني ذلك؟ من الذي يحدد القدرة؟ من الذي يحدد الحاجة؟

الجواب هو الدولة، النخبة الحاكمة، تحت الماركسية، هذا هو الذي يملك كل القوة. لهذا السبب الحقيقة هي: الديكتاتوريون الماركسيون مثل لينين وماو وبول بوت نفذوا بالفعل الماركسية الصحيحة، لقد أرادوا السلطة المطلقة، وأعطتهم الماركسية الطريق للحصول عليها.

كارل ماركس لم يضطر أبدا لمواجهة عواقب نظرياته. لقد عاش معظم حياته البالغة وهو يتنفس الهواء الحر في لندن إنجلترا، ويعيش على سخاء صديقه ورعاية إنجلز الذي ورث أمواله من والده التجاري الثري.

أمضى ماركس أيامه في قاعة القراءة في المتحف البريطاني وهو يبحث ويكتب، على الرغم من أنه كان مهووسا بمصطلح «علمي»، إلا أنه لم يكن قادرا على تنظيم البيانات لإثبات نظرياته. كان هناك سبب وجيه لذلك: لا توجد بيانات لإثبات نظرياته. طوال فترة وجوده في المكتبة لم يستطع ماركس العثور على أي دليل يشير إلى أن الرأسمالية - التبادل الحر للسلع والخدمات من خلال الأعمال التجارية المملوكة ملكية خاصة - كانت مرحلة عابرة. طوال العصر الصناعي تحسنت ظروف العمل باستمرار وتوسعت الثروة، وكان على ماركس الاعتماد على تقارير قديمة لإثبات قضيته. وحتى بعد ذلك، كان عليه أن يعالج البيانات لجعلها تتوافق مع نظرياته المحددة سلفا.

لكن ماركس لم يكن له أي مصلحة في إثبات نظرياته، كان يعلم أنه لا يمكن تطبيقها إلا بالقوة الغاشمة. لقد قال ذلك بنفسه «بالطبع، في البداية، لا يمكن أن تنفذ الشيوعية إلا عن طريق الغزو الاستبدادي»، وكتب أنه لا يمكن تحقيق غاياته إلا من خلال الإطاحة بالقوة بكل الظروف الاجتماعية الحالية». جميع الظروف الاجتماعية القائمة؛ الدين والأسرة والممتلكات الشخصية والحرية والديمقراطية! كلها اختفت من أجل تحقيق رؤية ماركس للجنة في الأرض.

ولأن قلة من الناس يتخلون عن حرياتهم وممتلكاتهم طواعية، فإن إنشاء دولة ماركسية يتطلب دائما استخدام الأسلحة والسجون والإعدام بإجراءات موجزة. لم يعتبر تلاميذ ماركس العديدون، مثل لينين، هذا الأمر مشكلة. البعض - مثل صبي الملصقات الثوري تشي جيفارا - اعتبرها مكافأة «لا أحتاج إلى دليل لإعدام رجل»، قيل إنه تباهى «أنا فقط بحاجة إلى دليل على أنه من الضروري إعدامه»!

إذا كنت لا تزال من محبي الماركسية بعد كل الموت والمعاناة والدمار الذي تسببت به، فهذا حقك، لكن لا تختبئ خلف «لم تتم تجربتها مطلقا» أو تبرر وتتهرب من رموزها!

mr_alshammeri@