عبدالله المزهر

حرش يحرش حرشا!

سنابل موقوتة
سنابل موقوتة

الأربعاء - 25 ديسمبر 2019

Wed - 25 Dec 2019

حين تقال كلمة «التحرش» فإن المعنى الذي يتبادر إلى الذهن مباشرة هو التحرش الجنسي، وذلك لأنه الأكثر شهرة وممارسة في عائلة الفعل «حرش». مع أن التحرش باب كبير من أبواب الأذى ليس مقتصرا على الأذى الجنسي فقط.

والتحرش الجنسي كما يعرفه المشتغلون بأمره هو «كل كلام أو فعل له طابع جنسي ينتهك جسد أو خصوصية الطرف الآخر ويجعله يشعر بعدم الارتياح، أو التهديد، أو عدم الأمان، أو الخوف، أو عدم الاحترام، أو الترويع، أو الإهانة، أو الإساءة، أو الترهيب، أو الانتهاك أو أنه مجرد جسد» أ.هـ.

والحقيقة أيها الناس أني كتبت قبل عامين من الآن مقالا عن «لوبي المتحرشين»، كنت أتحدث فيه عن الذين يقاومون بشراسة وجود قانون رادع للمتحرشين لأسباب كانوا يعتقدون أنها وجيهة. ولكن القانون أقر أخيرا وأصبح واقعا، وطبق على بضع حالات متفرقة بعد أن انتشرت وذاع أمرها.

والمتحرش إنسان سافل بطبعه، لا تردعه الأخلاق ولا القيم، مبدأه لا يتغير كثيرا ولكنه يتوافق مع الظروف، فمثلا في السابق كان المتحرش يؤمن إيمانا قاطعا بأن لباس المرأة سبب كاف ومبرر ينفعه في الدنيا والآخرة لارتكابه أمرا محرما لا تنتفي حرمته حتى وإن كانت المرأة التي أمامه عارية. اليوم ينظر المتحرش للموضوع من زاوية أخرى، وهي أن الدولة هي من ستحمل عنه الذنب والإثم، فبما أنها سمحت بالحفلات المختلطة فإن ذلك دليل كاف على أنها حلال، وأن التحرش فعالية مصاحبة لا حرج فيها. ليس لديه رادع ذاتي عن ارتكاب أي أمر قبيح.

ولو افترضنا أنه لا توجد حفلات مختلطة في السعودية وكان المتحرش موجودا في دولة أخرى، فهل يعني هذا أن من حقه أن يتحرش بالناس في الطرقات بحكم أنهم لا يلبسون بالطريقة التي تردعه؟!

أعلم أنه توجد طائفة من الناس يقولون إن نوعية معينة من الحفلات هي بيئة خصبة للتحرش في كل مكان في العالم، وهذا صحيح، لكن انتشار السفلة على هذا الكوكب لا يعني تقبل سلوكياتهم، ووجود أمر خاطئ فيما وراء البحار لا يعني التسليم به وتقبل وجوده.

الأمر الآخر يتعلق بعقوبة التشهير، وهل تلائم المتحرشين أم لا، وأظن أن التشهير يؤذي الأسوياء حين يخطئون، أما المتحرش فإنه غير سوي، وينظر إلى التشهير على أنه أحد أبواب الشهرة، وبعض المشاهير الآن كانت بداية شهرتهم هي سفالة ارتكبوها في أول مشوارهم حتى عرفهم الناس.

وعلى أي حال..

وعودة على المعنى اللغوي للتحرش وكثرة الاشتقاقات لهذا الفعل، فقد جاء في الحديث الشريف أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد نهى عن التحريش بين البهائم، والمعني بالتحريش هو الإغراء وتهييج بعضها على بعض، كما يُفْعل بين الجمال والكباش والديوك والثيران. ولذلك فإن التحريش سبب لتحرش البهائم ببعضها البعض، وهذه فائدة لغوية لا علاقة لها بالمقال.

agrni@