الأيديولوجية الفارسية وخفاياها الأسطورية

الخميس - 09 يونيو 2016

Thu - 09 Jun 2016

كانت نهاية الأسبوع الماضي مميزة وحاضرة بأخبار ومستجدات متوالية عن الحدث السوري المتواصل، وعن مستشاري الجمهورية الإسلامية، إذ تتواصل عجائبها بمخالفتها حتى في المصطلحات، ولا غرابة فقد خالفت في أمور أعظم وأقدس من ذلك بكثير، فالمعروف أن المستشار له مكانته وله وضعه الخاص ومتى ما احتيج إليه استشير، ولكن في الأيدلوجية الفارسية المستشار العسكري «الثوري» مكانه الميدان، وإذا كانوا كذلك فمعناه أنهم في حالة حرب، ولكن مع من وضد من؟ ولندع كل تلك التناقضات وأنهم ليسوا في حرب ولم يرسلوا ثوريين إنما فقط مستشارين!

أقرّ رئيس مجلس تشخيص مصلحة النظام علي رفسنجاني بتورط بلاده في بلاد إسلامية وعربية ومنها سوريا، وفي اعترافه قال: إن بلاده تواجه مشكلات في المنطقة ويتعين التوصل إلى حلها «عبر تدابير»!؟ فأعلنوا أنهم متورطون وأخذ بهم الاعتراف إلى العودة إلى سراديبهم في التخطيط لتدابير جديدة!؟ ثم جاء الاعتراف المدوي الذي كان على غير العادة على لسان الأمين العام في المجلس الأعلى للأمن القومي علي شمخاني «إن الزمن الحالي لم يعد زمن الحروب التقليدية وإنما هو زمن الحرب بالوكالة»! فهذا التصريح هو جواب عن تصريح علي رفسنجاني بقوله عبر تدابير!

هنا نجد أن الأيدلوجية الفكرية لدى الجمهورية الإسلامية التي دأبت على المخالفة الصريحة وخاصة في عهدها الحاضر ملزمة بأن تغير مسماها من الجمهورية الإسلامية إلى الدولة الثورية الفارسية مختصرة في كلمة «دثف»، طالما أنها دولة ثورية فمن المؤكد أن الدولة غير الإسلامية «داعش» قد دربتها ومولتها بل خططت لها ضمن أيدلوجيات مماثلة لها لتدمير الإسلام وأهله، فكانت «دثف» و»داعش» قد اتفقتا على صناعة حروب تهلك الإسلام بحجة الدفاع عن الإسلام، كيف ذلك؟! إنها الأيدلوجية الفارسية التي نطق بها علي شمخاني بتعبيره عن قرار خامنئي بإرسال قوات إلى العراق وسوريا بقوله: «قرارات خامنئي قائمة على أساس الوحي الإلهي».

ولا غرابة.. إذ دأبت القوى الثورية الفارسية على تضليل الشعب الإيراني على تلك الأيدلوجية الفكرية التي نطق بها رفسنجاني قائلا «إنه توجد خلافات عميقة في رأس السلطة متهما مسؤولين بخداع الرأي العام»، فكان ظهور شاب رياضي يدعى سجاد غريبي في حوار أجرته معه وكالة أنباء فارس الإيرانية قال فيه: «سجلت اسمي للتطوع للقتال في قائمة (مدافعي الحرم) وإذا كنت لائقا سأذهب وأقاتل على قدر طاقتي عن الحرمين ووطني!؟»

ما الذي أوصل الشاب الرياضي الذي هو من عامة الشعب الإيراني إلى ما وصل إليه، أم إن الوكالة لقنته ذلك وهو في وضع الغيبوبة والسمع والطاعة بلا عقل إلى القدسية الفكرية الفارسية الذي وصفته وكالة أنباء فارس بأنه «رستم الإيراني» المشابه لرستم قائد الجيوش الفارسية في الأساطير القديمة التي ذكرت أن هذا القائد قد وصل به الحال إلى أن قتل ابنه سهراب وهو لم يعلم به من قبل إلا بعد طعنة قاتلة، وهو الحال نفسه الذي هو واقع لدى الأيدلوجية الفارسية بإرسال شعبها للقتال ليقتلوا، وكأن الأسطورة الرستمية أصبحت قصة واقعية تدور أحداثها في العراق والشام.