محمد أحمد بابا

ثلاث محاكم تحفظ المال

الجمعة - 08 أبريل 2016

Fri - 08 Apr 2016

لا توجد لدينا محكمة للحسابات كما في دول كثيرة في العالمين الفقير والغني على حد سواء، وربما كلمة «محكمة» تقودنا للفهم بأن قرار الإلزام صبغة يحتاجها الناس في أموالهم بالذات، فشقيق النفس قد يصبح عدوّ ذات النفس فسادا.

وبالتالي كذلك فإن الفصل في قضايا التأمين بالتصور الحديث لهذا القطاع يفتقد محكمة تأمين تنظر في مسائل متشعبة دخلها المستفيدون والمستثمرون وتحمل وزر سياطها المواطنون، فعادة البوليصة تصغير الكتابة ومحاولة التهرب.

سمعتُ عن محكمة للمرور في سنوات مضت تقضي بين المتخاصمين في حوادث السير، لكنني وجدت ذلك مسار تقديم اعتراضات على مخالفات أو مجال عمل لشركة خاصة تولت تجهيز وثائق ليسلم التأمين، لتدفع مالا وإن سال دم سيارتك بفعل سيارة لشركة نجم.

ثلاثية المحاكم هذه «الحسابات والتأمين والمرور» لو تخيلتُ في سرعة تصور وجودها على أرض الواقع وفق تقنية العصر وإمكانيات الدولة أجد نفسي مطمئنا لمبلغ أدفعه للتأمين على سيارتي أو مصنعي الذي ما زلت أحلم به، أو جسدي الذي أخاف عليه.

يختصم الناس وتبقى آمالهم معلقة على إلزام قانون يفصل بينهم في فلسفة اجتماعية ذات حاجة ملحة لأحكام وفق إجراءات تقاض، لا قرارات ينقضها رفع دعوى في ديوان المظالم أو يعطلها قرار لاحق بجرّة قلم.

الحسابات المالية ودخولها في أعمال ديوان المراقبة ومكافحة الفساد ووزارة التخطيط ووزارة المالية وقضايا المحاكم التجارية وسوق المال وطلبات وزارة التجارة تجعل ضبط هذه التشعبات صعبا إن لم يكن مستحيلا دون محكمة متخصصة مستقلة ذات ولاية نوعية في فرز لها عن قضايا إلحاقية في جهات أخرى.

والتأمين الذي بات غطاء كل شيء ملموس وغير ملموس في الاقتصاد اليوم بل وحياة الناس العامة لا يمكن كبح جماح توحّشه وتضخم مدخراته من جيوب المساكين دون محكمة عرفت من التأمين أصوله وفصوله العالمية قبل المحلية تلزم من أخذ رسوم التأمين بالتأمين.

وما أظنها تقفُ الخسارة المتوالية في الأرواح والممتلكات نتيجة حوادث المركبات رغم قرارات وزارة الداخلية الصارمة ونحن نفشل في حل نزاع بين صاحبي مركبتين إلا بعاطفتين (الحمد لله في الحديد، الصلح خير) دون محكمة مرور مرنة جاهزة للفصل في كل وقت.

أثق جدا بأن برامج وطني القضائية سائرة في درب التحسين والتطوير بلا شك، لكن مواءمة ذلك بحزمة مشروعات لمحاكم تخصصية دون تأخير يحفظ للناس أموالهم في ظل مشكلات عالمية خاف منها الأغنياء وتجرع شحهم ذوو الدخل المحدود.

أنا وغيري الكثير من مواطني هذا الوطن العزيز يسكننا فرحٌ عظيم بوزارة عدل تفتح للاقتراحات أوسع الأبواب وتتفاعل بشكل مثر مع الأطروحات، لذلك فلا أمل سوى أن يكتب مثلي الهمَ هنا بعد أن شدّ التأمين وطأته واختلط الحساب على الراتب وارتطمت السيارة بعمود كهرباء لم تؤمن عليه أمانة المنطقة.