رهام فراش

قتلوا الرجل.. وشهد عليهم طائر!

الجمعة - 08 أبريل 2016

Fri - 08 Apr 2016

«كذبة أبريل»، أكاد أجزم أننا ما كنا لندرك شيئا عن حقيقتها لولا وجود وسائل الإعلام الجديد، وانفتاح التواصل على العالم الخارجي الذي يخصص جزءا من وقته وتفكيره وجهده سنويا للاحتفال بهذه الكذبة، بصناعتها وإطلاقها واستخدامها لأغراض تسويقية وإعلامية أحيانا، ومن باب الطرفة والتندر أحيانا أخرى.

وبحكم اهتمامي أخيرا بأدوات الإعلام الاجتماعي، واستخدامها لمعرفة اهتمامات الناس، والمواضيع التي تشغل بالهم ويتحدثون عنها عبر وسائل التواصل الاجتماعي؛ لأتمكن من تحليلها وفهمها وتوظيفها في كتابة المقالات وصناعة محتوى نوعي يحاكي فكر الناس واهتماماتهم في عملي الخاص.

بحثت في يوم 1 أبريل فوجدت أن وسمي (هاشتاقي) #كذبة_أبريل بـ(العربي) و#April_fools بـ(الإنجليزي) هما من الأوسمة المتصدرة في تويتر (ترند – Trend)، ومعنى ذلك أن عددا كبيرا من الناس حول العالم يشارك بكتابة تغريدات في هذا الموضوع، وبلغ مجموع التغريدات التي تم نشرها في #April_fools حتى وقت كتابتي لهذا المقال، 891 ألف تغريدة.. أما في الهاشتاق العربي #كذبة_أبريل فقد وصلت إلى 38 ألف تغريدة.. ومجموع ما كتب في هذا الموضوع داخل وخارج الهاشتاق وصل إلى 255,294 تغريدة.

ومن أشهر ما تم تداوله والتفاعل معه هذا العام (2016) كذبة وفاة العالم الفلكي الكويتي الدكتور (صالح العجيري)، حيث نفى الخبر وقال إنه ينعم بصحة جيدة، معلقا على ما نشر عن وفاته عبر مواقع التواصل بأنها (كذبة أبريل).

وحقيقة لم أستطع أن أخفي ابتسامتي وأنا أتجول بين تغريدات الناس المرحة والفكاهية التي حاولوا أن يعبروا بها عن أحلامهم وتمنياتهم بالفوز للفرق الرياضية التي يشجعونها، وأشفقت على «الطائر الأزرق» من شدة الوزر الذي يحمله وهو يكذب آلاف المرات في الدقيقة.

وبالعودة لـ (ملف الكذب الأبريلي) في التاريخ نجد أن هناك كذبة شهيرة أكسبت أصحابها الملايين في عام 2009 .. مسرح الكذبة كان في السعودية والخليج، ولعل الكثير منكم يذكرها، عن وجود مادة الزئبق الأحمر في ماكينات الخياطة من نوع سنجر (أبوأسد) القديمة، إذ أصبح الجميع يبحثون عن هذه الماكينات في كل مكان، ووصلت أسعارها في بعض المناطق في السعودية ما يقارب المائة ألف ريال، وحتى منتصف أبريل كانت أغلب مواقع الانترنت تعرض ماكينات للبيع بأسعار خيالية لا تقل بأي حال من الأحوال عن خمسة وعشرين ألف ريال، فهذا مثال لكذبة أبريل التي راح ضحيتها كثيرون، وفي نفس الوقت اغتنى بسببها كثيرون.

وأرجح الروايات عن أصل ونشأة هذه الكذبة تقول إن فرنسا هي التي بدأتها بعد تبني التقويم المعدل الذي وضعه شارل التاسع عام 1564م، وكانت هي أول دولة تعمل بهذا التقويم، وحتى ذلك التاريخ كان الاحتفال بعيد رأس السنة يبدأ في يوم 21 مارس وينتهي في الأول من أبريل بعد أن يتبادل الناس ‏هدايا عيد رأس السنة الجديدة.

وعندما تحول عيد رأس السنة إلى الأول من يناير ظل بعض الناس يحتفلون به في الأول من أبريل كالعادة، ومن ثم أطلق عليهم ضحايا أبريل، وأصبحت عادة المزاح مع ‏الأصدقاء وذوي القربى في ذلك اليوم رائجة في فرنسا، ومنها انتشرت إلى البلدان ‏الأخرى.

وهنا ندرك أننا لا نستطيع أن نعيش بمعزل عن التاريخ والحضارات والثقافات المتنوعة التي تحيط بنا افتراضيا، إنما علينا أن نفهمها ونحللها ونجيد التعامل معها بدلا من مهاجمتها وحظرها دون معرفة تحصننا من شظايا تحرق واقعنا وتصفه بالرجعي والهمجي واللاوعي.