عجائز نجران حافظات تراث الحرف والأصالة

للمرأة النجرانية لمسات حضارية ممزوجة بعبق التراث الأصيل من الماضي، وتجلت تلك اللمسات في مقتنياتها والأعمال التي تزاولها

للمرأة النجرانية لمسات حضارية ممزوجة بعبق التراث الأصيل من الماضي، وتجلت تلك اللمسات في مقتنياتها والأعمال التي تزاولها

الاثنين - 11 يناير 2016

Mon - 11 Jan 2016



للمرأة النجرانية لمسات حضارية ممزوجة بعبق التراث الأصيل من الماضي، وتجلت تلك اللمسات في مقتنياتها والأعمال التي تزاولها.



حرف وصناعات



وكانت المرأة النجرانية تمارس العديد من الحرف اليدوية إلى جانب دورها في رعاية البيت والأبناء، فتقول أم علي (الستينية): كنا نصنع مما توفره البيئة من حولنا الكثير من أدوات المنزل الخاصة بذلك الوقت وبرعنا في العديد من الحرف التي ما زالت نساء المنطقة يزاولنها ويتوارثنها كي تحافظ على استمراريتها، حيث برعنا في الغزل والحياكة وعمل الأقط الذي ما زالت مهنته قائمة حتى اليوم ويتم تحضيره من حليب الماعز أو الغنم بعد عملية تخميره وتجفيفه.

وأشارت أم على إلى أن الأقط ينتج عن الخضيض الذي تقوم به ربة المنزل للبن الأغنام سواء بواسطة الشكوة (قربة يخض بها اللبن قديما أو المخاضة في الوقت الحاضر)، وبعد خض اللبن في الشكوة يوضع في إناء فترة من الوقت وتقوم ربة البيت بوضعه في قدر وتضيف إليه القليل من الملح ثم توقد النار لفترة محددة، حتى يتخثر وبعد ذلك بفترة وجيزة تحوله إلى أقط عن طريق استخدام الأصابع، لافتة إلى أن هذه الطريقة لا يتقنها سوى النساء الكبيرات في السن المتمرسات في هذه العملية، ثم يوضع بعد ذلك في صحن ويترك 4 أو 5 أيام في الهواء الطلق وتحت حرارة الشمس حتى يجف ثم يكسر، وهو بأحجام مختلفة ويجمع إما في إناء لحفظه أو خيش أما الآن فيجمع في أكياس ويتراوح سعر الكيس من 15ـــ 20 ريالا.



صناعة الشكوة



وتوضح النجرانية أم منصور أن المرأة قديما كانت تستخدم (الشكوة) لخض الحليب أو تعمل على تخثير الحليب وتبريده نهاية النهار ثم تضعه في الصباح الباكر داخل (الشكوة) وتنفخها وتحكم إغلاقها حتى يسهل تحريكها أثناء عملية الخض، وينتج عن هذه العملية فرز المادة الدهنية (الزبدة) وتكون طيبة الطعم ولونها مائل للصفرة.

أما عن صناعة (الشكوة) فتقول: يؤخذ جلد الماعز ويتم طحن عشبة تسمى الحليوا وهي من أنواع الشوك وتوضع داخل الجلد ثم يحفظ الجلد داخل إناء محكم الإغلاق حتى لا يتسرب إليه الهواء لمدة 24 ساعة ومن فوائد هذه العشبة أنها تساعد على إزالة الشعر من على الجلد بسهولة ويتم غسله من العشبة بعد نزع الشعر منه ثم يدلك جيدا بعشبة (القرض) وهي ما تسمى بالأرطا وتستمر المرأة بعملية الدبغ والتدليك لمدة ساعتين أو أكثر ثم ينقع الجلد في إناء به ماء وقرض ويتم دعكه وفركه لمدة أسبوع كامل حتى تختفي منه رائحة الجلد ويصبح قوامه قويا ومشدودا ثم تربطه ربة المنزل من أسفله بحبل مصنوع من الليف ويشد جيدا حتى لا يتسرب الحليب منه، أما اليدان فتعقدا عقدا لأن الجلد يأخذ شكل الماعز، وكانت عملية خض اللبن تتم من خلال تعليق الشكوة بين ثلاثة أعمدة بطول مترين تجمع وتربط من الأطراف العلوية جيدا والأطراف السفلية متباعدة وتأخذ شكل الهرم وتعلق الشكوة بالمنتصف وتجلس المرأة بوضعية القرفصاء بجانبه وتخض اللبن، وتختلف أحجامها بين الكبيرة والصغيرة والمتوسطة.



زينة النجرانيات



وتوضح وفقة اليامي أن المرأة النجرانية اهتمت بزينتها من استعمال الحلي المختلفة كالحلق وكانت تسمى لديهم (الخروص) التي كان لها تصاميم خاصة بالمرأة النجرانية، حيث تصنع من الفضة بشكل طويل عبارة عن حلقات متراصة أو أشكال هندسية جمالية يوجد في أعلاها فصوص ملونة وقد يصل إلى الأكتاف وهو ما يعلق بالخيط أو جديلة الشعر من اليمين واليسار وأما الصغير منها فيعلق بالأذن، ولها مسميات كالحنيشي وشروخ، أما المتراص منها بشكل حلقات فيسمى الدلعات كما اعتادت النجرانيات ارتداء ما يسمى بالخيط الذي أتت فكرته من اليمن، وهو رمز للعروبة، وكان قديما يصنع من شعر الماعز، حيث يتم غزله وبرمه بمغزل من خشب ثم يلف على هيئة مكرات ثم يلف حول خشبتين متباعدتين بشكل متقاطع، ويصبغ باللون الأسود القاتم بصبغة تسمى (الفوه) السوداء ثم يتم ربط نهايته بخيوط حمراء وبيضاء وسوداء وتوضع في الثلث الأخير منه حلقات من الفضة تشبه الخواتم في صنعها، ويكون رأسها مدببا، ومنها الصغير والكبير، أما في الوقت الحاضر أصبح يصنع الخيط أو ما يسمى بالقطابة من الصوف الصناعي، أو من قطع قماش أسود، وما زالت بعض النساء في المنطقة يرتدين الملثم وخاصة في المحافظات التابعة للمنطقة، ومنه البدو الملثم وهو قماش أسود يسمى طاقة تتم خياطته قديما باليدين يزين في نهايته بحلقات من الفضة أو الخرز.