ثقافة العمل قبل ثقافة الكلام

لا أريد أن أعرف لكم ما هي الثقافة لسبب بسيط ومعروف هو أن الثقافة لا تعرف، ومن حاول تعريفها خبط لها أكثر من مئتي تعريف، وزاد على ذلك أيضا، ولم يوجد لها تعريف مانع جامع حتى اليوم، لأن الثقافة جزء أصيل من تكوين الإنسان في كل شيء، لغته ثقافة، ومعارفه وعلومه ومظهره ثقافة، وصلته بالآخرين وتعامله مع الناس ثقافة، وقوله وفعله ثقافة، وسلوكه ثقافة، وأكله وشربه ثقافة.

لا أريد أن أعرف لكم ما هي الثقافة لسبب بسيط ومعروف هو أن الثقافة لا تعرف، ومن حاول تعريفها خبط لها أكثر من مئتي تعريف، وزاد على ذلك أيضا، ولم يوجد لها تعريف مانع جامع حتى اليوم، لأن الثقافة جزء أصيل من تكوين الإنسان في كل شيء، لغته ثقافة، ومعارفه وعلومه ومظهره ثقافة، وصلته بالآخرين وتعامله مع الناس ثقافة، وقوله وفعله ثقافة، وسلوكه ثقافة، وأكله وشربه ثقافة.

الثلاثاء - 05 يناير 2016

Tue - 05 Jan 2016



لا أريد أن أعرف لكم ما هي الثقافة لسبب بسيط ومعروف هو أن الثقافة لا تعرف، ومن حاول تعريفها خبط لها أكثر من مئتي تعريف، وزاد على ذلك أيضا، ولم يوجد لها تعريف مانع جامع حتى اليوم، لأن الثقافة جزء أصيل من تكوين الإنسان في كل شيء، لغته ثقافة، ومعارفه وعلومه ومظهره ثقافة، وصلته بالآخرين وتعامله مع الناس ثقافة، وقوله وفعله ثقافة، وسلوكه ثقافة، وأكله وشربه ثقافة.

ولأن ما ذكرت من أشياء تختلف من أمة إلى أخرى ومن قطر إلى آخر، بل حتى في المجتمع الواحد تختلف الثقافات وتتعدد المشارب والعادات والقيم التي يتعامل بها الناس أصحاب الثقافات المختلفة أيضا، ولكن لكل شعب ملامح ثقافة عامة يحقق فيها خطوطا عريضة ندركها ونسميها الثقافة العامة لهذا الشعب ولهذه الأمة، فالثقافة العربية مع اختلاف الشعوب والأقطار يضمها إطار واحد وسمة خاصة نسميها الثقافة العربية بعمومها دون الدخول في تفصيلاتها الدقيقة واختلافاتها، ومثل ذلك نقول عن الثقافة الإسلامية، ونقول عن الثقافات الأخرى الشرقية والغربية بما يميز ملامحها ويحدد مسارها ويعرفها عموما بشكل شامل.

وكل ثقافة تتضح معالمها في سلوك عام لأهلها يلاحظه الغريب ويدركه المتأمل ويراه الناظر ويستقل أهلها بها ويعيشونها في حياتهم بتفاصيلها الكبيرة والصغيرة لكنهم قلما لهجت بها ألسنتهم في كل قضية تعرض أمامهم رغم حضورها القوي الطاغي في تصرفاتهم وفي كل شؤون حياتهم، فالثقافة التي أريد الحديث عنها هنا هي السلوك الذي يوجه عمل المرء صاحب الثقافة المنتمي لها فتحكمه ثقافته وتبرز في تصرفاته وأعماله وتعامله.

سأنتقل إلى الوجه الآخر للثقافة وللناس وأتوجه برجاء حار إلى المسلمين أولا بكل شعوبهم وأقطارهم وإلى كل جماعاتهم التي هربت من سوء ما هي فيه في أوطانها إلى نعيم ثقافات أخرى حرمت منها في بلادها وفي ثقافتها ووجدتها في بلاد مختلفة الثقافة فنعمت بها مع أهلها، وبعد ذلك أتوجه للعرب من المحيط الهادر إلى الخليج الثائر كما كنا نحفظ في شبابنا الذي أضاعته الشعارات والثورات وأكلته أوهام الانتصارات ثم إلى المجتمع السعودي أخيرا.

أتوجه إليهم جميعا بالرجاء التالي إلى كل المثقفين إلى كل المتحدثين إلى كل الفنانين وإلى كل السياسيين وأهم من كل من سبق إلى كل رجال الدين المعممين منهم وغير المعممين أن نكف لمدة شهر واحد فقط - شهر واحد - عن الحديث عن كل ما نعرفه عن ثقافتنا من الفضائل التي نكررها في أحاديثنا ونقارنها بثقافات العالم كله، ونحكم لها بالتميز والإبداع الذي لا يشبهه تميز ولا يشاكله إبداع، نسكت عن الكلام وعن وصف ثقافتنا بأنها ثقافة العمل والأمانة والصدق والبر والإحسان والاختراع والصناعة والتجارة والإدارة وحتى الديمقراطية والحرية وحقوق الإنسان والحيوان التي نتمتع بها ولله الحمد، وليس ذلك زهدا في مآثرنا ولا نقصا في قدراتنا وأقدار ثقافتنا ومعاذ الله أن نقلل مما حبانا الله من المكارم والفضائل، لكن الغرض من طلبي الصمت هو أن نطبق ما نتحدث عنه في كل مناسبة وبدون مناسبة تطبيقا عمليا يراه الناس في قيمنا ونحقق أثر الثقافة في سلوكنا وفي تعاملنا وفي أخلاقنا مثل العالم الذي تعبر ثقافته عن سلوكه وعن المفاهيم التي يعيشها، هنا يصح تعريف الثقافة بالأثر الذي تتركه والسلوك الذي نمارسه فتوصف ثقافتنا بسلوكنا وليس بالحديث عنها في ماضيها الذي نفاخر به وفي حاضرها الذي يشهد العالم كافة ما يعرفه عنا أكثر مما نتحدث عنه.

شهر الصمت عن الكلام الذي نطالب به نريده شهر عمل وليس شهر كلام، وبعد ذلك نقارن بين ثقافة الكلام الذي أطلنا فيه أكثر مما يجب، وثقافة العمل بصمت التي لم نجربها بعد، لكي نرى أي الخيارين أنفع لنا وأنفع لثقافتنا ولذكرنا وسمعتنا بين أمم الأرض التي ما زالت تسمع ما نقول وتستغرب مما نعمل.



[email protected]