هيئة الإذاعة والتلفزيون.. المضمون أم الصورة؟

صناعة مشروع تلفزيوني أيا كان نوعه تقوم على عدد من العناصر إذا أردنا النجاح لهذا المشروع، فالصورة بما تحتويها من ديكورات وألوان وتقنية حديثة وكوادر فنية متخصصة من العناصر المهمة لنجاح العمل، ولكن المضمون الفكري والهدف الموضوعي أهم بكثير من شكل الصورة وعناصرها

صناعة مشروع تلفزيوني أيا كان نوعه تقوم على عدد من العناصر إذا أردنا النجاح لهذا المشروع، فالصورة بما تحتويها من ديكورات وألوان وتقنية حديثة وكوادر فنية متخصصة من العناصر المهمة لنجاح العمل، ولكن المضمون الفكري والهدف الموضوعي أهم بكثير من شكل الصورة وعناصرها

الاثنين - 17 فبراير 2014

Mon - 17 Feb 2014



صناعة مشروع تلفزيوني أيا كان نوعه تقوم على عدد من العناصر إذا أردنا النجاح لهذا المشروع، فالصورة بما تحتويها من ديكورات وألوان وتقنية حديثة وكوادر فنية متخصصة من العناصر المهمة لنجاح العمل، ولكن المضمون الفكري والهدف الموضوعي أهم بكثير من شكل الصورة وعناصرها. في هيئة الإذاعة البريطانية مثلا - وهي واحدة من أقدم الشبكات الإعلامية في العالم- يرتكزون في إنتاج أعمالهم على أهداف واضحة تخدم سياستهم، ولعل هذه الأهداف هي التي تقود القائمين على الإنتاج بتوفير كافة العناصر المختلفة لتحقيها، ليأتي بعد ذلك دور المخرج الذي يضع ويسخر كل التقنيات التي تخدم هذه الأهداف سواء كانت سياسية أو اجتماعية أو اقتصادية أو ثقافية. إلخ، ولذلك نحترم بكل ما تحتويه الكلمة من معنى إنتاجهم ونقف له احتراما كمعنيين بالصناعة التلفزيونية

في عالمنا العربي وفي الخليج تحديدا ومن خلال الفضائيات التي لا تحصى، قلما نجد أهدافا مدروسة بشكل علمي واع في الأعمال التي تبث عبر شاشاتها، بل نجد أن الهدف الرئيس هو ملء ساعات البث بمواد سطحية غير مدروسة. إن وجود أهداف واضحة من إنتاج الأعمال التلفزيونية والإذاعية يخدم الرسالة الإعلامية التي أنشئت من أجلها تلك الفضائيات وبالتالي الارتقاء بفكر المتلقي لا سيما إذا كانت هذه المحطات تتبع جهاز الدولة والتي أنشئت أساسا لتوصيل رسائل للمتلقي بهدف توجيهه وتوعيته وترجمة أهداف الدولة من خلال تلك الأعمال. هيئة الإذاعة والتلفزيون مناط بها تحديد الأهداف التي تخدم سياسة الدولة سواء من خلال الأعمال البرامجية أو الدرامية أو الوثائقية، ولا نجد تلك السياسة الإعلامية إلا من خلال البرامج الإخبارية فقط، أما الأعمال التلفزيونية الأخرى التي تشكل أكثر من نصف المادة التي تبث، فلا نجد أنها تحتوي على مضمون يحترم عقلية المتلقي. إن الأعمال الجماهيرية مثل المسلسلات وبعض البرامج قد تكون أكثر الأعمال مشاهدة وتتمتع بقاعدة جماهيرية كبيرة ومن مختلف الفئات والشرائح، ولكننا ومع الأسف لا نجدها تخدم أهدافا محددة بشكل واع، بل ربما تسعى بشكل غير مقصود إلى تسطيح عقلية المشاهد، وهذا الأمر أدى إلى جعل المتلقي البسيط بعيدا كل البعد عن همه الوطني، وهذه نتيجة طبيعية، لأن الهدف الرئيس من هذه القنوات قد غاب. إن على هيئة الإذاعة والتلفزيون مسؤولية كبيرة وخطيرة في انتقاء مضمون الأعمال التي تقدمها من الجانب الفكري بما يتوافق مع السياسة الأمنية والاجتماعية والثقافية، وليس الاهتمام فقط بشكل الصورة والممثلين وغيره، فإذا لم يكن هناك مضمون واع ومعرفي فالنتيجة ستكون اتساع الفجوة بين المتلقي وأهداف وخطط الدولة. كثير من القضايا الشائكة في مجتمعنا تحتاج إلى معالجة كالمستويات الثقافية والفكرية المتصادمة وأيضا الاختلافات المذهبية والمناطقية والقبلية، ولا نستطيع أن ننكر هذه الاختلافات التي بدت جلية واضحة لا سيما من خلال الإعلام الجديد، ولعل أفضل وأسهل الطرق لتذويب هذا التشنج هو صناعة دراما وبرامج تقوم بحل هذه الإشكالات بشكل غير مباشر لأن الدراما والبرامج تتمتع بشريحة كبيرة من المشاهدين، فإذا وجدت أعمال تحمل حلولا غير مباشرة وذات مضمون علمي ومدروس فأعتقد أنها مع مرور الوقت ستعالج كثيرا من الهموم بنسب جيدة، وهذا هو واجب الإعلام الرسمي الحقيقي. المشاهد اليوم لا يبحث عن جودة الصورة بل يبحث عما يشبع نهمه المعرفي أو الترفيهي على جميع المستويات، فالخيارات أمامه كثيرة ومتنوعة بل إن هناك قنوات فضائية قد تؤثر سلبا فيه، واذا لم يثابر إعلامنا الرسمي في استقطاب أكبر عدد من المشاهدين من خلال تقديم الأعمال التي ينشدها هذا المشاهد وأن نحوله من منتقد إلى مدافع، فإن الهدف من هذا الجهاز سيكون شكليا، وبما أن الهيئة تقوم بالصرف على الأعمال الكثيرة المتنوعة وجب عليها انتقاء الأعمال التي تفعّل سياسة الدولة كتوحيد الصف والكلمة وغرس المواطنة لا تلقينها، وإذابة التشنج بين أطياف المجتمع. معالي رئيس الهيئة الأستاذ عبدالرحمن الهزاع يسعى بكل جهد لخلق هذا المضمون من خلال التنفيذيين في الهيئة.. فهل سيساندونه في هذه المهمة؟