هذه وظيفتي.. لا داعي للشكر!

ليس من عادتي الكتابة عن القضايا الشخصية التي تحدث مع بعض الزملاء، من باب أنها قد تكون من باب الشواذ التي لا حكم لها، لكن تواتر القصص والروايات حول سلوك بعض القادة والمدراء والموظفين نقلها من قضايا شخصية إلى مرض عضال تكاد بلواه تعم جميع الجهات بدون استثناء، وجعل الكتابة عنها بمثابة الواجب الذي لا بد من فعله

ليس من عادتي الكتابة عن القضايا الشخصية التي تحدث مع بعض الزملاء، من باب أنها قد تكون من باب الشواذ التي لا حكم لها، لكن تواتر القصص والروايات حول سلوك بعض القادة والمدراء والموظفين نقلها من قضايا شخصية إلى مرض عضال تكاد بلواه تعم جميع الجهات بدون استثناء، وجعل الكتابة عنها بمثابة الواجب الذي لا بد من فعله

الاثنين - 14 ديسمبر 2015

Mon - 14 Dec 2015

ليس من عادتي الكتابة عن القضايا الشخصية التي تحدث مع بعض الزملاء، من باب أنها قد تكون من باب الشواذ التي لا حكم لها، لكن تواتر القصص والروايات حول سلوك بعض القادة والمدراء والموظفين نقلها من قضايا شخصية إلى مرض عضال تكاد بلواه تعم جميع الجهات بدون استثناء، وجعل الكتابة عنها بمثابة الواجب الذي لا بد من فعله.
أحد الأصدقاء يقول «تقدمت قبل فترة بطلب تمديد بعثتي الدراسية لجهة عملي، وفقا للأنظمة المعمول لها.
وهو إجراء نظامي تنطبق عليها كافة الشروط الموجبة للتمديد، ولا حاجة لمساعدة أحد في ذلك أو تفضله.
وقضيت معظم أيام الأشهر الماضية في متابعته هاتفيا من بلد دراستي.
وفي كل مرة يرد عليَّ أحد المسؤولين يلمح بأنه صاحب الفضل، ويردد على مسامعي بأنه لعب دورا كبيرا في مساعدتي ودعمي للحصول على تمديد البعثة، وأن ما فعله هو تفضل وكرم منه».
يقول الصديق: في البداية جاملت كثيرا، وعندما بلغ السيل الزبى، أفهمته بطريقة مؤدبة أن ما قام به لا يعد تفضلا أو معروفا منه، وأن ما قام به تم وفق الإجراءات الرسمية، وما تحتمه عليه وظيفته، وعليه أن يعرف أن الإجراءات كانت نظامية، وستتم الموافقة عليها دون الحاجة إلى مساعدته، وأن القرار الذي تم تحكمه الأنظمة واللوائح الرسمية، وأن دوره يقتصر على إكمال الإجراءات لعرضها ورفعها لإقرار التمديد.
ويقارن بشيء من الحسرة طريقة تعامل المسؤول في جهته مع سلوك موظفة في جامعته التي يدرس بها في بريطانيا، ويقول إنه صُدم عندما ذهب إلى موظفة في الجامعة التي يدرس بها للاستفسار عن كيفية الحصول على خدمات تتعلق بمسيرته الدراسية في الجامعة، عندما قالت له الموظفة: بإمكانك طلب وتنفيذ كل الخدمات التي تحتاج إليها عن طريق الموقع الالكتروني للجامعة، أو عن طريق الإيميل دون أن تكلف نفسك عناء الحضور، ولن يستغرق الأمر سوى بضع دقائق حتى يأتيك الرد عن طريق الإيميل دون الحاجة للحضور إلينا، ويضيف: عندما همهمت بعبارات الشكر والثناء على لطفها وتعاونها، ردت بأن ما تقوم بها هو وظيفتها وأنه لا داعي لعبارات الشكر والثناء، وهو الذي استغرق عدة أشهر في متابعة طلب تمديد نظامي لدى جهة عمله.
فيما يقول زميلنا الآخر إنه لا يرغب في العودة إلى عمله، بل سيبحث عن جهة أخرى ينقل خدماته إليها، لأنه مل وسئم من طريقة تعامل المسؤول في تلك الجهة، فهو يرى أنه الوحيد الذي يفهم، وينعت موظفيه بالضياع وعدم الفهم، ويصنف نفسه بأنه المنقذ وبدونه ستضيع الإدارة، ويتساءل: كيف أعود إلى جهة عملي، والعمل مع ذلك المسؤول النرجسي، الذي بلغت به النرجسية أقصى مداها، وجعلته يهمش دور الموظفين والمدراء في تلك الجهة؟ هل أعود بعد خمس سنوات من الغربة والجهد والتخصص الدقيق، ويصبح دوري في تلك الجهة هامشيا؟ ما نقله بعض الزملاء من قصص وسلوك إداري خروج عن المألوف في السلوك الإداري الذي درسته في كتاب الإدارة والقيادة، وهو مرض من أمراض الإدارة العربية الشائعة، ويمكن تصنيفه تحت «مرض النرجسية المفرطة»، فالمرض الأول عندما يحب الموظف أو المسؤول أيا كان منصبه أو جهته أن يُحمد على فعل يحتمه عليه واجبه الوظيفي، ويرى أن ما يقوم به تفضل وكرم منه، وأنه ليس واجبا وظيفيا يتقاضى عليه راتبا شهريا.
والحالة الأخرى والأكثر خطرا على المنظمة عندما يرى المسؤول أنه هو الوحيد في الجهة الذي يفهم، وما عداه كومبارس وتكملة عدد لا يحلون ولا يعقدون شيئا بدونه، ولو غاب ضاع كل شيء.
هذان النموذجان من الأمراض الإدارية الشائعة في معظم الجهات الحكومية، وقد تجدهما في القطاع الخاص.
التعامل والعمل معها صعب جدا، وبقاؤهما في مركز صناعة القرار يخلق كثيرا من المشاكل الإدارية التي تزيد الأمور تعقيدا، ويجلب معه كثيرا من الإحباط والفوضى الإدارية.
هل يأتي اليوم الذي نرى فيه الموظف أو المسؤول يرد بابتسامة عند خدمته لك، ويقول «هذه وظيفتي، ولا داعي لعبارات الشكر والثناء»؟ أو نرى المسؤول الذي يؤمن بروح الفريق، وأنه بدون هؤلاء الموظفين لا يستطيع تحقيق النجاح؟ عندما نصل إلى ذلك أستطيع أن أقول لكم إننا ونظامنا الإداري بخير.

alofi.
m@makkahnp.
com