فلسفة النجاح

لكي نصل إلى معنى أدق للنجاح، معنى يستطيع أن يتصوره الجميع ويتفقوا عليه، سنحتاج أن نضعه ضمن إطارات معينة لنتحكم في قياساتنا ونتائجنا. يمكن أن نقترح إطارين لمفهوم النجاح، الأول: الإطار الشخصي، والآخر الاجتماعي

لكي نصل إلى معنى أدق للنجاح، معنى يستطيع أن يتصوره الجميع ويتفقوا عليه، سنحتاج أن نضعه ضمن إطارات معينة لنتحكم في قياساتنا ونتائجنا. يمكن أن نقترح إطارين لمفهوم النجاح، الأول: الإطار الشخصي، والآخر الاجتماعي

الأحد - 29 نوفمبر 2015

Sun - 29 Nov 2015



لكي نصل إلى معنى أدق للنجاح، معنى يستطيع أن يتصوره الجميع ويتفقوا عليه، سنحتاج أن نضعه ضمن إطارات معينة لنتحكم في قياساتنا ونتائجنا. يمكن أن نقترح إطارين لمفهوم النجاح، الأول: الإطار الشخصي، والآخر الاجتماعي.

بالنسبة للإطار الشخصي، فلكل واحد منا مجموعة من الأهداف الشخصية التي يسعى إلى تحقيقها. من بينها مثلا الحصول على شهادة من جامعة مرموقة ترفع من الفرص بعد التخرج، أو الحصول على وظيفة بمردود عال، أو السفر، أو زيارة معرض أو مطعم، أو تعلم طريقة صنع شيء للاستخدام الشخصي. أيا كانت الأهداف الشخصية، يمكن أن نقول إن تحقيقها هو نجاح على الصعيد الشخصي، أما على الصعيد الاجتماعي فيتطلب الأمر أن نجد من يهمه تحققها لنقول إنها نجحت اجتماعيا أيضا.

قبل أن أنتقل إلى الإطار الاجتماعي، لي وقفتان مع الأهداف الشخصية تلك: فكما تلاحظون، يمكن تصنيفها إلى مجموعتين، الأولى أهداف تجلب للإنسان منافع دائمة (الشهادة، الوظيفة)، والأخرى تحقق له منافع موقتة (زيارة مطعم - المنفعة هي الاستمتاع باللحظات فيه)، ومع اختلاف النتائج، كلا الصنفين يستهلك جزءا من موارد الإنسان الشخصية (المال والوقت).

الآن مع الوقفة الثانية، عادة ما يضع الإنسان أهدافه الشخصية في حدود ما يملكه من وقت ومال يمكنه من تحقيقها، وبالتالي تحكمه فيها يكون أعلى. فمثلا، لو أراد شخص أن يزور مطعما أو أن يسافر، فهو على الأغلب، لن يحتاج إلى موافقة الآخرين (المجتمع) أو دعمهم، كل الذي سيحتاج إليه هو الإرادة وبعض المال والوقت. ومع أن التحكم في تحقيق الأهداف الشخصية عادة ما يكون أكبر مما هو عليه الحال مع الأهداف الاجتماعية كما سنرى، إلا أن الفرص المتوفرة لها لتنمو محدودة ومقيدة بمقدار موارد.

ماذا لو وضع الإنسان لنفسه أهدافا تتعدى منافعها الصعيد الشخصي وتصل للآخرين في مجتمعه، هنا يمكن أن ندخلها ضمن الإطار الاجتماعي ونحلل سبل نجاحها من ذلك المنظور. فتحقيق الأهداف ضمن الإطار الاجتماعي يتطلب تجاوز عدة خطوات قبل أن نقول إنها نجحت، فلن تكفي الإرادة والموارد الشخصية.

إن نجاح الأهداف على الصعيد الاجتماعي يتطلب على الأقل اعتراف المجتمع بها (أو اعترافه بوجودها)، وسيكون الفرد محظوظا لو قبلها المجتمع (أي أصبح يتابع تقدمها ويهمه أمرها)، وسيكون عظيما لو تمكن من استقطاب دعم المجتمع (أي تمكن من تحفيز الآخرين ليشاركوه بمواردهم، وأموالهم ووقتهم وخبراتهم) في سبيل تحقيقها وتنميتها. بالتالي، يمكن أن نقول إن التحكم هنا أقل منه على الصعيد الشخصي، كونه يعتمد على مدى قبول الآخرين لها ودعمهم أولا. ولكن الفرص على الصعيد الاجتماعي أكبر، لأنها إذا نجحت في استقطاب الدعم فسوف تنمو بشكل أسرع، والتحكم فيها سيتقدم.

تذكر عزيزي القارئ أن الناس لا يهمهم تحقق أو عدم تحقق أهدافك الشخصية، ولن ينشغلوا بمتابعة مدى تقدمها، أو يبحثوا عن أي شراكات معك لدعمها ما لم يجدوا ارتباطا بينها وبين أهدافهم، وشعروا أن نجاحك هو نجاح لهم أيضا، فلا تنس أن تخلق القيمة (المنفعة) للآخرين وأنت تصيغ أهدافك إذا أردت لها النجاح ضمن الإطار الاجتماعي.