أحمد الهلالي

سيتحدث أبناؤنا عن جهودنا تجاه العربية!

الثلاثاء - 17 ديسمبر 2019

Tue - 17 Dec 2019

سعيد بأن موعد مقالتي يوافق 18 ديسمبر، الموعد السنوي لاحتفاء منظمة اليونسكو باليوم العالمي للغة العربية، هذه اللغة التي نعشقها تحدثا وكتابة، ولا مجال للاستفاضة في سرد مميزاتها، واعتزازنا بها هوية مميزة تربط بين الناطقين بها ثقافيا وسياسيا وقوميا، وكلنا يحمل في جعبته الكثير والكثير من المقترحات والرؤى لتعزيز حضورها في مجالات شتى.

من المسلّم به أن اللغة تزدهر بازدهار الثقافة التي تنتمي إليها، فعلى الرغم مما يقال من ضعف الإنجليزية إلا أنها اللغة الأولى في العالم، لأنها تنتمي إلى حضارة قوية منتجة، تدعم حضورها في كل الأوساط، حتى أصبحت وجهة للتعلم، وقلما تجد شخصا لا يملك منها رصيدا حتى وإن كان ضئيلا، يتباهى به أحيانا، ويحق له التباهي لأنها لغة الحضارة والعلوم، ولنتفق أن لغتنا قوية لارتباطها بالقرآن، لكن ضعفها يتجلى حين يكون ارتباطها بواقع الأمة العربية الحضاري.

عنوان احتفائية هذا العام (اللغة العربية والذكاء الاصطناعي) وهذا العنوان يربط اللغة بعصرها، العصر التقني، الذي ابتغى الرقمية طريقا للبناء الحضاري، وهذا العنوان الذكي يمكن إلحاقه بما مضى من عناوين لاحتفائيات سابقة، كان بعضها يقتصر على المتخصصين والمهتمين باللغة، وبعضها يقرن موضوع اللغة بتخصصات أخرى، خاصة فيما يتعلق بالعلوم والتكنولوجيا والرقمنة.

إن أردنا تعزيز حضور لغتنا العربية، فعلينا أن نجعلها همّا حقيقيا للمتخصصين في العلوم والطب والتكنولوجيا والإعلام والاقتصاد، على اختلاف التخصصات، من خلال إشراكهم باستمرار في همّ اللغة، وقضايا الهوية، ودورهم المهم والحيوي في ابتكار الوسائل التي تقدم اللغة العربية جنبا إلى جنب اللغات العلمية الأخرى، وألا نكتفي بالمتخصصين في اللغة، فلهم جهودهم المحمودة في خدمة العربية، لكنها لا تكفي وحدها إذا لم نقرنها بجهود التقنيين والتطبيقيين والاقتصاديين، فلغتنا العربية في حاجة إلى جناحين للطيران والتحليق في فضاءات عصرنا المتسارع باستمرار.

وعلى مستوى الإعلام، ما نزال بحاجة ماسة، خاصة في السعودية إلى قنوات للأطفال، تعتمد العربية الفصحى وعاء لبرامجها، لتعويد أبنائنا على قبولها والتحدث بها، ولإثراء الأسرة بكم وافر من العربية التي بدأت تندثر لقلة التداول، ولا أظن الأمر عسيرا، خاصة وفراغ قنوات الأطفال ما يزال ماثلا، بعد إلغاء قناة أجيال، مما سيؤثر سلبا على أبنائنا على مستويات عدة، تأتي اللغة في مقدمتها بعد المقدرات والرموز الوطنية.

حراك المؤسسات الأكاديمية والثقافية والإعلامية تجاه اللغة مُرض نوعا ما، لكننا ما نزال نحتاج إلى مزيد عناية، وابتكار قنوات جديدة تعزز حضور اللغة، وتكرس تفاعل جميع التخصصات مع موضوع اللغة، وهذا كله إجابة عن سؤال خالد الفيصل (كيف نكون قدوة بلغة القرآن؟).

ahmad_helali@