جبريل العريشي

ركائز المعلومات المستدامة

الاثنين - 16 ديسمبر 2019

Mon - 16 Dec 2019

ينطوي تحقيق التنمية المستدامة على عدد كبير من القرارات المعقدة والصعبة سياسيا، وهي قرارات تحتاج إلى أن تكون مدعومة بالمعلومات التي تيسر التكامل والمشاركة في كل جانب من جوانبها الثلاثة: التنمية الاقتصادية، والتنمية الاجتماعية، وحماية البيئة. لذا، ينبغي أن تتصف هذه المعلومات بالاستدامة، وينطوي ذلك على توفير الآليات التي تمكنها من الدعم المستدام لهذه الجوانب الثلاثة.

وهناك ثلاث ركائز معلوماتية ينبغي أن تتصف بالاستدامة لكي تتحقق استدامة المعلومات. الركيزة الأولى تطوير تكنولوجيا المعلومات المستدامة، وهو يتعلق بسد الفجوة الرقمية (التنمية الاجتماعية) من خلال نقل التكنولوجيا جنبا إلى جنب مع تحقيق التنمية الاقتصادية، وكذلك من خلال خلق فرص متساوية للوصول إلى المعلومات لجميع أفراد المجتمع. وبمعنى آخر، فإن دعم التنمية الاقتصادية بواسطة معطيات تكنولوجيات الاتصالات والمعلومات ينبغي أن يأخذ في الاعتبار البعدين الآخرين: الاجتماعي والبيئي.

إضافة إلى ذلك، ينبغي - عند سعينا لإنتاج تكنولوجيا المعلومات واستخدامها - أن نراعي مفهوم الاستدامة، بحيث يكون الإنتاج والاستخدام نظيفين قدر الإمكان، فلا يلوثان البيئة، وذلك حتى يتسنى للأجيال القادمة أيضا امتلاك موارد مادية صالحة لمثل هذا الإنتاج (حماية البيئة). وهو أمر قد ينطوي على نقض عديد من الاتفاقيات الحالية لإنتاج تكنولوجيا المعلومات في إطار التنمية الاقتصادية إذا كانت تلك الاتفاقيات لا تراعي ذلك.

الثانية: تطوير وسائل تنظيم المعلومات المستدامة، حيث يعتمد أي تحول استراتيجي على المستوى الوطني على المعالجة الفعالة والتوزيع المتوازن لمجموعة كبيرة من موارد المعلومات، فضلا عن وضعها في صورة تفاعلية مع تحديد معايير لها. كما يتطلب جمع وتنظيم المعلومات التي تتعلق بالمؤشرات المستدامة بطريقة تيسر استرجاعها وعرضها بطرق مختلفة. ويعد ذلك أمرا حيويا لاتخاذ القرارات المستنيرة المتعلقة بالمحاور الثلاثة للتنمية المستدامة.

وفي الوقت نفسه فإن الحفظ المستدام للمعلومات ينبغي ألا يستهدف حفظ المعلومات لهذا الجيل فحسب، بل عليه أن يتوجه بصورة منهجية إلى الوسائط الجديدة، التي لا تضع ضغوطا إضافية على البيئة، في الوقت نفسه الذي تبقي فيه المعلومات للأجيال القادمة.

الثالثة: تطوير سبل المشاركة المستدامة للمعلومات، فبالإضافة إلى أهمية توفير الوصول إلى البيانات وهيكلتها وسبل عرضها، فإنه يجب دعم الأشخاص ذوي الخلفيات والثقافات المختلفة، وتمكينهم من المشاركة في إنشاء السياقات والمنتديات ووسائل التواصل الرقمي التي تمكنهم من فهم تطور التنمية المستدامة، ومن اتخاذ القرارات المستنيرة ذات العلاقة بها، فضلا عن خلق الإحساس المتبادل بكل جوانبها.

من هنا، تبرز أهمية هذه الركائز المعلوماتية الثلاث في تحقيق نهج التنمية المستدامة، حيث ينبغي أن تكون مواكبة لهذا النهج، بما يعني عدم وجود قصور في استدامتها يتسبب في وجود فجوة بين المتطلبات المعلوماتية من أجل التنمية المستدامة من جانب وبين المعطيات المعلوماتية المتاحة بالفعل من خلال هذه الركائز من جانب آخر.

[email protected]