آلاء لبني

تخيل نفسك مكانهم!

الخميس - 12 ديسمبر 2019

Thu - 12 Dec 2019

قلت في مقالي السابق بأن الحكم على المجتمعات ينطلق من القوانين والحقوق وتطبيقها على أرض الواقع، والتي تعطى لثلاث فئات: الطفل والمرأة وذوي الاحتياجات الخاصة، ومن نظرة المجتمع لها!

قضية حقوق ذوي الاحتياجات الخاصة لا تأخذ حقها إعلاميا ومجتمعيا، ربما خلال الأيام الماضية شاهدت أو شاركت أو قرأت عن اليوم العالمي للإعاقة، وأي حراك مجتمعي نحو الوعي يشكر القائمون عليه، وإن شابه بعض السلبيات والقصور، استوقفتني عبارة «مستقبل سهل الوصول» شعار فعالية برعاية مشتركة بين جامعة الملك سعود وهيئة رعاية الأشخاص ذوي الإعاقة. رددتها مرارا: هل المستقبل سهل الوصول فعلا للمعاقين؟

من وجهة نظري، هذه إيجابية طاغية لواقع مغاير! هناك تحسن ملحوظ لكن ما زلنا بعيدين جدا عن المأمول والمنشود.

الإعاقة وفق نظام رعاية المعاقين «هي الإصابة بواحدة أو أكثر من الإعاقات الآتية: الإعاقة البصرية، السمعية، العقلية، الجسمية والحركية، صعوبات التعلم، اضطرابات النطق والكلام، الاضطرابات السلوكية والانفعالية، الإعاقات المزدوجة والمتعددة، التوحد وغيرها من الإعاقات التي تتطلب رعاية خاصة».

هل كل هذه الفئات يجب أن تتحلى فقط بالإيجابية لتحل مشاكلها؟ تخيلت نفسي لو قدر الله علي وفقدت قدرتي على السير أو فقدت بصري، لن أستطيع السير في شوارعنا، ولحرمت ممارسة أبسط الأمور، حتى الترفيه والخروج مع عائلتي بشكل مريح! بمواسم الترفيه بعض الأماكن التي زرتها مع الأسف دورات المياه لم تراع في تصميمها كبار السن فكيف بالمعاقين! ذات درج عال وليس هناك مساحة كافية، وهناك شعار «أقدر» داخل المكان!

أي منشأة أو متنزه أو مدرسة لا تراعي حقوقهم ومقصرة المفترض أن تخاطب وتردع، وليت وزارة العمل والشؤون الاجتماعية تبدأ بما تحت سيطرتها، وتصلح مقراتها بكل أنواعها! ففاقد الشيء لا يعطيه!

تشخيص الواقع الحالي وتحديد الاحتياجات من أهم مهام هيئة رعاية الأشخاص ذوي الإعاقة، الهيئة التي يأمل الجميع أن تكون صانعة التغيير لحقائق مرة، وفق لائحتها التنظيمية التي مما ورد فيها «تهدف الهيئة إلى رعاية الأشخاص ذوي الإعاقة وضمان حصولهم على حقوقهم المتصلة بالإعاقة، وتعزيز الخدمات التي تقدمها الأجهزة لهم، بما يساعد على حصولهم على الرعاية والتأهيل اللازمین».

أوصي الهيئة ألا تنظر إلى النصف الممتلئ من الكأس، بل إلى الفارغ! هناك فئات تحتاج الشعور بالمساواة وليس الشفقة! هناك حقوق كفلها النظام للأشخاص ذوي الإعاقة، الحماية من الإيذاء والاستغلال وحق العمل والمشاركة المجتمعية.. إلخ، لكن التطبيق يحتاج لعمل جبار وتكامل بين الجهات، وتبني قضاياهم ومطالبهم بتوفير بيئة مناسبة للحياة والتعليم والعمل حتى الترفيه، حجم المسؤولية على القائمين بالهيئة كبير، والطريق طويل لتقليل الآثار السلبية للإعاقة ولمعالجة عدد من المشاكل، منها:

  • التأكد من جهوزية المرافق العامة ومناسبتها لحاجات المعاقين: مداخل، منحدرات، دورات مياه، مصاعد.

  • معالجة مشاكل مدارس الدمج مثلا فصل واحد تتعدد فيه الحالات ونوعيتها، فطفل لديه فرط حركة وتأخر نمو يجب أن يجلس بالفصل لمدة 3 حصص متتالية! ناهيك عن نقص عدد المعلمات واختصاصيي التخاطب.

  • الالتفات لمعاهد التربية الفكرية والتأهيل الشامل وزيادة عددها ومناسبته مع حاجة المناطق الإدارية، ورفع مستواها ومنع التجاوزات، وليس منع التصوير بل تكثيف الرقابة!

  • إحدى الأخوات ابنها لديه تأخر نمو، ولم تجد مركزا مناسبا لحالته، بل وضع على قائمة الانتظار بزيارات وجلسات وبرنامج منزلي، ثم أكرمها الله بالابتعاث خارجا وهناك تغير ابنها 180 درجة!

  • المتاجرة باحتياجاتهم بشكل مبالغ به، مثلا جلسات التخاطب يصل سعرها في الساعة إلى 500 أو 250 بتخفيض كحد أدنى! مع ضعف البعض في المستوى وخطة التدريب.

  • حاجة بعض الإعاقات للطب النفسي، وفي المستشفيات الحكومية تتباعد المواعيد نظرا للضغط، مما يؤدي لعدم متابعة الحالة بشكل مستمر، وارتفاع أسعار الطب النفسي والأدوية يؤدي لعدم توفر الخدمات العلاجية لبعض المعاقين بصورة كافية.

  • نقص أماكن الترفيه المناسبة كالحدائق وغيرها، أين الملاهي الخاصة بالمعاقين؟ ليت أصحاب رؤوس الأموال يلتفتون لذلك. كما نستورد كثيرا من الأفكار فلنستورد من أمريكا المدن الترفيهية لذوي الاحتياجات الخاصة.

  • رفع الوعي بالآداب العامة للتعامل مع كل نوع من الإعاقة، وتدريب ذويهم لدعم أبنائهم، ودعم دور المسؤولية المجتمعية للقطاع الخاص والبرامج النوعية.


يكفي شعارات وأسماء وبرامج، والهدف صورة تزين وسائل التواصل الاجتماعي! لنا جميعا ولكل مسؤول فلنتعامل مع حقوقهم كأننا مكانهم.

AlaLabani_1@