آلاء لبني

سجال أزلي حول المرأة

الخميس - 28 نوفمبر 2019

Thu - 28 Nov 2019

اتصف نوفمبر بسخونة الطرح رغم برودة طقسه! ضجت فيه قضية النسوية والتطرف والفيديو الشهير وبيان التوضيح عنه، وقد استفيض في نقاش هذه المسألة، المعسكرات ألوان بين مؤيد ومعارض، كل له أسلحته! وفي 25 نوفمبر برزت التوعية باليوم الدولي للقضاء على العنف ضد المرأة.

نحن لا نملك أي إحصاءات دقيقة في العنف وقضايا المرأة، كل ما لدينا سجال هنا وهناك وأرقام ربما لا تعكس الواقع! بين الأمس واليوم اختلفت الصورة والإطار والأنظمة، بعد أن ظلت المرأة سنوات تبحث عن مصدر حقها وإنسانيتها وكمال حقوقها.

أؤمن بأن الحكم على المجتمعات ينطلق من القوانين والحقوق وتطبيقها على أرض الواقع التي تُعطى لثلاث قضايا: الطفل والمرأة وذوي الاحتياجات الخاصة، ومن نظرة المجتمع لها!

ولسنا بصدد مناقشة تلك القضايا، بل في النظر بنقطة من بحر السجال المجتمعي حول المرأة!

المعسكرات ليل نهار بين شد وجذب وتحول الخيارات الشخصية والقناعات لجبهات، فمثلا هناك من يرى أن المرأة يجب أن تعمل، وهناك من يرى إلزامها بالجلوس بالبيت هو الأصل! وتسمع من يقول إنها اقتحمت سوق العمل بأكثر مما يجب واستطاعت الخروج من عنق الزجاجة! فليجلس الرجل وتعمل المرأة وتصرف! متناسيا كل سنوات بطالة النساء!

والبعض يرى الأمر محرما شرعا! معللا أن كل ما ورد في السنة والقصص هي مواقف عابرة! ولا بيعة ولا وجود للمرأة في أي معترك سياسي أو عمل! مع أن نبي هذه الأمة أخذ من المرأة البيعة تحت الشجرة قبل 1400 سنة.

كم كنا نسمع عن أمور عجيبة وسخيفة مثل: من تعمل بشكل مختلط يعزف الشباب عن الارتباط بها! الطبيبة مثلا ستصبح عانسا، أمور نأسف لتكرارها على مسامع أجيال ساهمت في انغلاق المنغلقين أكثر، ولكن لم توقف عجلة التقدم والتعليم عند النساء.

يتضايق بعض الرجال ويتذمرون من وجود المرأة حولهم كزميلة، كرئيسة - وليس المطلوب أن يوافقوا - ومن ازدياد عدد الموظفات، والبعض يتخوف من أن تأخذ مكانه! وما أعنيه أن المرأة التي تمتلك التعليم المناسب والخبرة الكافية يمكن أن تصبح مديرتك أو أن تحتل مكانك وهذا أمر طبيعي، فالأفضلية بالعمل ليست للقوامة بل الأكثر جدارة! القوامة في المنزل وليس العمل!

مقولة المرأة عدوة المرأة قد تكون صحيحة، في بعض الأحيان تجد هناك من تعترض على المرأة وأن الحق للرجال، السؤال الذي يطرح نفسه: لماذا ترغبن في توظيف بناتكن؟!

وهناك من تصاب بالغيرة على زوجها فترفض عمل النساء معه، ولربما حلمت بأن تعمل ولكنها قد لا تجد الفرصة أو من يدعمها، مع ذلك تستمر بمهاجمة بنات جنسها! عزيزتي غيرتك لن تمنع النساء من العمل، وما يجب أن تعيه أن الرجل إن طار من عشك لن ينتظر العمل! ليغرد خارج عشكما.

عموما من تمام حرية الإنسان وحقوقه اتخاذه لقراراته وفق قدراته ورغبته، وكل امرأة لها الحق فيما تختار وتحدد ماذا تريد، وفق ما تراه مناسبا لها، ولا يتم دفعها لصراع بين الشد والجذب تعمل أو لا تعمل وأي مجال تختار إن عملت.

الإنسان أعطاه الله الخيار والتكليف قال تعالى «وهديناه النجدين» الرجل والمرأة خلقهما الله وهما بكامل التكليف والأهلية لاختيار كل شيء، لذلك نحاسب على اختياراتنا وقراراتنا. فمتى نكف عن فكر الوصاية على المرأة؟

أعرف من لا تفضل العمل وتستهوي الراحة بالمنزل، وأخريات لا يستطعن التوفيق بين عدد من المسؤوليات، هناك من المتزوجات من تؤمن أن بيتها هو كيانها ورسالتها الوحيدة وهذا حقها، وهناك من ترى أن عملها جزء من كيانها وخيارها. ليس هناك أحد مخطئ هذه خيارات شخصية.

في العموم كل يحكم من منطلق اعتقاده وأفكاره، فيميل البعض إلى من يشبهه فكرا وانتماء ويكره من يخالفه شكلا أو مضمونا، حتى ولو لم يقصد، وهذه إشكالية! لأن كل إنسان متفرد بصفاته. حرب المعسكرات والنظرة الدونية للعاملة أو ربة المنزل يجب أن تتوقف، فكم من أم سواء مثقفة أو أمية صنعت أبناء بفكرها ورجاحة عقلها.

التعميم قاتل، ليست كل امرأة عاملة مقصرة مفرطة ببيتها، والعكس ليس صحيحا، وهناك من لا تعرف وضع أي أهداف موزونة، سواء كانت عاملة أو ربة منزل.

الخلاصة، لا أؤمن بهرطقة الحروب بين معسكرات الرجال والنساء، ببساطة قوام الحياة رجل وامرأة ونقطة على السطر.

AlaLabani_1@