شاكر أبوطالب

لماذا نرفض التبرع بأعضاء المتوفين دماغيا؟!

الأحد - 24 نوفمبر 2019

Sun - 24 Nov 2019

نشرت صحيفة مكة في الأسبوع الماضي تقريرا مميزا عن التبرع بالأعضاء في المملكة، تضمن تصريحا هاما من المدير الطبي للمركز السعودي لزراعة الأعضاء الدكتور بشر العطار، أكد فيه أن الإشكالية ليست في عدد من يبدون موافقتهم على التبرع بأعضائهم، بل المشكلة في عدم موافقة ذويهم على التبرع في حال الوفاة الدماغية، حيث بلغت نسبة الرفض 73% من بين 386 أسرة لديهم قريب متوفى دماغيا، وتمت مقابلتهم من قبل فريق المركز عام 2018.

ومن الأمور الإيجابية التي نشرها التقرير، إشارة العطار إلى قرب موافقة مجلس الوزراء على النظام الشامل للتبرع بالأعضاء، بعد موافقة مجلس الشورى وإحالته إلى هيئة الخبراء. مبينا أن النظام سيرفع نسب التبرع بالأعضاء كثيرا، لأنه سيلغي اشتراط موافقة الأهل على تبرع ابنهم أو ابنتهم في حال كان هذا الابن أو الابنة قد وافق ووقع على الاستعداد للتبرع بأعضائه بعد الوفاة. مضيفا أن المركز سينفذ حملة توعية لإقناع الشباب بالموافقة على التبرع بأعضائهم بعد الوفاة، إما من خلال التسجيل في موقع المركز أو على رخصة قيادة السيارة أو بتسجيل الموافقة على التبرع عند التنويم في المستشفى.

آمل أن يحظى النظام الشامل للتبرع بالأعضاء بموافقة مجلس الوزراء في أسرع وقت ممكن، وأن تتكامل جهود وزارة الصحة والمركز السعودي لزراعة الأعضاء والمستشفيات المرجعية الكبرى في المملكة، لزيادة الوعي بأهمية وضرورة التبرع بأعضاء المتوفين دماغيا، بتنظيم حملة وطنية واسعة ومستمرة لغرس ثقافة التبرع بالأعضاء لدى النشء، وتعزيزها لدى البالغين في المجتمع، وتصميم دليل حوكمة التبرع بالأعضاء ونشره، وتصميم تطبيق هاتفي يسهل من عملية التسجيل في قائمة الموافقين على التبرع بأعضائهم.

وأتمنى الاستفادة من النماذج المجربة عالميا في مجال التبرع بالأعضاء، ومن ذلك تسجيل المتبرعين الأحياء وعائلاتهم في قوائم خاصة لمدة خمس سنوات تمنحهم الأولوية في حال حاجتهم أو عائلاتهم لزراعة عضو ما. إلى جانب صياغة سياسة مطورة تشجع على التبرع بالأعضاء من خلال منح جملة من الحوافز والمزايا، من ذلك توفير تأمين صحي مجاني للمتبرعين الأحياء، وأولوية التخصيص السكني، والإعفاءات أو التسهيلات الضريبية، وزيادة نسبة ومدة تخفيضات النقل العام والطيران وغيرها.

في المقابل؛ ينبغي مكافحة عديد من الشائعات المنتشرة في المجتمع عن التبرع بالأعضاء، أبرزها أن أولوية التبرع بالأعضاء ليست للأغنياء والمشاهير، فتوزيع الأعضاء يكون حسب بيانات المرضى القابلين للزراعة بحسب فصيلة الدم وكتلة الجسم والضرورة الطبية وفترة البقاء على لائحة الانتظار الوطنية. وأن التبرع بالأعضاء متاح لجميع الأعمار حتى من حديثي الولادة، وأنه عند الوفاة الدماغية يحدد الأطباء المختصون ما إذا كانت الأعضاء صالحة للزراعة أم لا.

ومن الضرورة الوعي بأن الوفاة الدماغية هي التعريف السريري والشرعي للموت، ولا يوجد حالة تم تشخيصها كوفاة دماغية وعادت للحياة. وأن التبرع بالأعضاء لا يؤدي مطلقا لتشويه جسم المتوفى، فالأعضاء المتبرع بها تستأصل بعملية جراحية عادية. وأن استئصال الأعضاء لا يتم إلا بعد استنفاد كل الوسائل الممكنة لإنقاذ حياة المتبرع، والتأكد التام من حدوث الوفاة الدماغية. وأولا وأخيرا ينبغي التيقن بأن التبرع بالأعضاء صدقة جارية وإيثار وعمل إنساني نبيل لإنقاذ مرضى آخرين.

shakerabutaleb@