صالحة أحمد الصبحي

المشرف التربوي قائد وقدوة

الجمعة - 22 نوفمبر 2019

Fri - 22 Nov 2019

إذا أردنا فهم دور المشرف التربوي لا بد لنا من فهم عملية الإشراف التي اتفق التربويون على أنها عملية مهنية تشاركية مبنية على أسس علمية تقدم الدعم الفني للقيادة المدرسية والمعلم، لتطوير عملية التعلم والتعليم وتقويمها وتجويد نتائجها، فبالأمس كان المشرف يُعرف بالمفتش التربوي، وكأن دوره مقتصر على التفتيش عن السلبيات والأخطاء وتحديد طرق معالجتها.

أما اليوم فلم يصمد هذا المفهوم أمام موجة التغيير العاتية التي اجتاحت العالم، فحدثت مفاهيمه لتواكب عصر المعرفة والعولمة، شأنه في ذلك شأن باقي المفاهيم التي حدث مسماها أو استحدثت من عدم، فمن مفتش أصبح موجه ثم مشرف وربما في القريب ميسر.

والمشرف كما لا يخفى على الجميع في الأصل لم يعين مشرفا، بل هو مشرف على من كان يوما ما يمارس عملهم؛ معلمين أو مديرين، فهو يتنقل بينهم بالمعرفة والخبرة كالنحلة التي تمتص رحيق أطيب الأزهار وتعالجها بتقدير الله فتفرز شهدا تطيب به النفوس، يستوي في ذلك المشرف الفني أو الإداري.

ومع إطلاق رؤية وطننا الطموح 2030 تبلور دور المشرف كدرة تضيء لنفسها وغيرها الطريق، وتسمو عن كل ما يشوبها وتلفظه بعيدا متوشحة بوسام القيادة والقدوة معا، ويا ليت شعري ما أعظمه من وسام وما أكبرها من مسؤولية.

ولعلي في هذا المقال أعرج على أبرز النقاط فيما بتعلق بالمشرف القائد القدوة، فمن حيث كونه قائدا فهو يقود العمليات الإشرافية المطلوبة في الميدان التربوي تعليميا وإداريا بطريقة إبداعية، يقودها تجديدا لا تجميدا، تعاونيا تشاركيا لا فرديا، تقنيا لا يدويا، تشاوريا لا تسلطيا، فتجده تارة يخطط وتارة ينفذ وتارة يتابع وتارة يقيس أثرا ويقدم تغذية راجعة في الوقت المناسب، متحملا في سبيل ذلك كثيرا من التبعات وباذلا كثيرا من وقته.

من يراه في الميدان يظن أن عمله ينتهي بنهاية الزيارة وتعبئة استمارتها، ولا يعلم أنه بعد نهاية الزيارة يعود لمكتبه ليؤدي مهامه الإدارية من إعداد تقارير أو دراسات أو برامج يحتاجها الميدان، وربما اضطر لحمل بعضها لمنزله ليكملها في المساء مقتطعا من وقت راحته الشيء الكثير، وهو في الوقت الذي ينقل فيه الخبرة بين المستفيدين كأنه يمسك كشاف مكبر بإحدى يديه لتسليط الضوء على محاسن الميدان التربوي باكتشاف بعضها ورعاية البعض وتمكين الآخر ورفع تقارير بها للجهات المختصة، وبيد أخرى يمسك ممحاة لمسح أو احتواء بعض السلبيات ووضع خطط لتلافيها ومعالجتها، مراعيا كونه قدوة لمن يقودهم، حيث تتوجه له الأنظار في كل مجتمع يتواجد فيه داخل المدرسة أو خارجها، فهو مفوض التعليم في الميدان ومؤتمن القيادة على أقطاب المجتمع التعليمي،وقدوة في أخلاقه واعتداله، وفي اعتزازه بدينه وهويته، وفي طاعته لقيادته، وفي انضباطه والتزامه بالأنظمة واللوائح العامة. وأخيرا لا يسعنا إلا أن نقول شكرا لكل مشرف حرص على أن يكون نعم القائد ونعم القدوة.

@salhaomhamza