آلاء لبني

الحروب والدمار البيئي

الجمعة - 15 نوفمبر 2019

Fri - 15 Nov 2019

في السادس من نوفمبر مرت الذكرى السنوية لليوم العالمي لمنع استخدام البيئة في الحروب، والقانون الدولي يجرم كل استهداف طويل الأجل للبيئة، وهناك عديد من القضايا ترفع من قبل الدول المتضررة للتعويضات والتأهيل البيئي.

وتعد الجرائم البيئية من أقوى الجرائم دوليا، لأنها تجمع بين عدد من الجرائم، فالضرر متعد على الإنسان والمحيط الحيوي وتلويث التربة والمياه والهواء، وتؤدي إلى استمرار الأضرار لأوقات طويلة تنعكس على صحة الإنسان.

هناك نظم بيئية تغيرت بالكامل في الوقت الحاضر بسبب الحروب والنزاعات في العراق، سوريا، ليبيا ..إلخ.

ولنا في رسول الله أسوة في نهيه عن قطع الأشجار والتدمير! قال صلى الله عليه وسلم «ولا تقطعن شجرا مثمرا، ولا تخربن عامرا، ولا تعقرن شاة ولا بعيرا إلا لمأكلة، ولا تحرقن نخلا ولا تغرقنه»، فأين نحن من هذا الواقع؟

وقت الحرب تحصد الضحايا البشرية، والضحية المنسية هي الأرض التي تتحمل الدمار البيئي والآثار السلبية وتغيير النظم الإيكولوجية والتلوث الإشعاعي التي تعود بويلات الأمراض والتشوه الخلقي والسرطانات والأمراض النووية.. إلخ، فالعلاقة بين الصحة والبيئة علاقة وثيقة جدا، لذلك تجد منظمة الصحة العالمية تدافع عن كثير من القضايا البيئية ربما أفضل مما تفعله جهات أخرى معنية بالبيئة!

بعض الحوادث البيئية يستشهد بها في كل المحافل والبعض يلفه عالم النسيان والإخفاء والسكوت عنه، وإلى اليوم لم يتم تأهيل مناطق منكوبة بالمخلفات الحربية والتلوث الكيميائي والإشعاعي وتسرب المواد المختلفة من الذخيرة الحربية إلى المياه والتربة!

بالعودة لتاريخ الحروب المدمرة للبيئة، يمكن تقسيمها وفق استغلال العالم للتطور العلمي بمجال الأسلحة والقنابل وغيرها. لكن أبزر المحطات مرحلتا ما قبل تطور القنابل النووية وما بعدها، فاليوم السلاح النووي يستطيع تدمير الكوكب!

ومنذ قنبلة هيروشيما التي أسقطتها أمريكا في الماضي وبفضلها دخلت حقبة تجارب القوة العظمى وسباق النووي وتدمير عديد من الأراضي، تضاعفت القوة التدميرية وصولا للقنبلة الهيدروجينية وهي أقوى بألف مرة!

ولعل من أكثر الأمور تدميرا التجارب النووية السطحية والباطنية للاتحاد السوفيتي على بعض أراضي كازاخستان إحدى الدول المسلمة التي انفصلت من الاتحاد لاحقا، وتؤكد التقارير استمرار تأثير التلوث الإشعاعي لمدة 300 سنة، وتعاني المنطقة من ارتفاع التشوه الخلقي والسرطانات المتنوعة وانخفاض متوسط الأعمار! وما خفي كان أعظم!

- سياسة الأرض المحروقة الذي طبقها الاحتلال الفرنسي في الجزائر قبيل خروجه من البلاد وإلقاء 12 قنبلة نووية كتجارب في الصحراء الجزائرية مع استخدام الأسرى أيضا، وإلى اليوم لم تخضع المنطقة لأي نوع من التأهيل!

- الحرب على فيتنام واستخدام أمريكا للعامل «البرتقالي» وما يحويه من مواد سامة كالديوكسين بهدف إسقاط أوراق الأشجار والقضاء على المحاصيل.

- الحرب الخليجية الأولى بين العراق وإيران وآثارها البيئية والحرب الخليجية الثانية بين العراق والكويت وتفجير صدام نحو 700 بئر نفط، وما صاحبه من دخان وحرائق أخمدت بعد سبعة أشهر، وبعض الآبار تدفقت منها بحيرات نفطية لوثت الخليج العربي وأدت لكارثة بيئية على الإنسان والحيوان والنبات، فضلا عن الألغام التي زرعت حول الآبار وتمت إزالتها.

- الحرب الأمريكية على العراق في مطلع 2003 التي جعلت العراق من أكثر الدول تلوثا بيئيا وصل لنسبة 60% حسب تقارير حالة البيئة للعراق، فالتفجيرات والقنابل العنقودية وغيرها وسقوط البنية التحتية جعلت العراق يعيش حقبة تاريخية من التأخر وتردي الأوضاع.

- جرائم بشار تجاه شعبه الأشد فتكا من أي نظام قضى على أرضه وشعبه بيديه، ولم يتوان عن استخدام قنابل محملة بمواد كيماوية وغازات سامة كالسارين، واستهداف الأراضي الزراعية ومصادر المياه بالقصف، وتلوثت مياه الشرب ببعض المناطق ..إلخ، وسمح أن تستباح أرضه للأسلحة المحرمة دوليا وجعلها مسرحا لتوغل الأمم المتناحرة سياسيا المتضامنة على أهمية إبقاء الصراع بسوريا من التواجد الروسي وسيطرته وتوغل إيران وضرب إسرائيل وأمريكا وقتما أرادوا وتركيا تلحقهم في الركب.

- تعدي إسرائيل السافر على الأراضي الفلسطينية وقنابل الفوسفور الأبيض والقنابل العنقودية وغيرها، وتغير أنظمة بيئية بالكامل كتحويل مجرى نهر الأردن وغيره من القضايا كالتخلص من النفايات الخطرة.

- عدوان إسرائيل وضربها للبنان، ومنها تفجير واستهداف البنية التحتية ومحطات توليد الكهرباء وقصف معمل الجية الحراري، وما نتج عنه من كارثة بيئية على الشواطئ والثروة السمكية والنباتية.

المقال نافذة متناهية الصغر لبعض الكوارث، وما لم يذكر أكبر وأكثر، والأرقام والتقارير مخيفة وستزداد قبحا كلما استخدم الإنسان قدراته الحربية لتدمير البيئة. فهل هناك بصيص أمل لتغير الواقع أم إن الأمور للأسوأ؟!

@AlaLabani_1