علي المطوع

مؤسساتنا الخدمية إلى أين؟

الجمعة - 15 نوفمبر 2019

Fri - 15 Nov 2019

هي تلك المؤسسات والمنظومات التي لها علاقة مباشرة بتنظيم أحوال الناس والقيام بخدمتهم وفق ضوابط مهنية ومعرفية وقبلها أخلاقية.

هذه المؤسسات ومنذ البدء في حراكنا العملي وهي حاضرة في هذا المشهد التنموي، كونها صلب احتياجات الإنسان والمجتمع كالتعليم والصحة والخدمات البلدية.

إن هذه المؤسسات نالت نصيبها من التطور المعرفي والخبرات التراكمية التي ما زادها الزمن إلا رسوخا في رسائلها ورؤيتها تجاه الإنسان والمجتمع، وأصبح المواطن يعرف أدوار هذه المؤسسات وما ينبغي لها فعله.

على الجانب الآخر نجد أن هذه المؤسسات كانت وما زالت المحور الأساس لكل أشكال وإشكالات التنمية وظواهر قصورها المختلفة، والسبب في أغلبه سوء إدارة هذه المرافق وغياب المهنية والمحاسبة والشفافية عن كثير من مناشطها وشخوصها ومشاريعها.

يجب أن نعترف أن إدارة هذه المرافق قد تغلغلت فيها الواسطة والمحسوبية والفساد بجميع أشكاله وصوره، وهذا لا يعني أنها لا تنتج، لكنه إنتاج لا يتسق وحجم ما يصرف عليها من أموال وإمكانات.

إن عمليات التضخم على مستوى الموظفين تقابلها حالات وصور من الكسل واللا مبالاة، فخارطة توزيع الموظفين تعتمد على جلسات الهواء الطلق والاستراحات وما يتمخض عنها من اتفاقات لجلب فلان أو إبعاد فلان، وكأنها بضائع تجارية تباع وتشترى، هنا ينشأ التضخم على مستوى أعداد الموظفين في أقسام معينة ويكون ذلك على حساب أقسام أخرى، وهذا ينتج قصورا خدماتيا يشعر به المواطن وينفيه المسؤول في كثير من الأوقات.

هناك أيضا بعد مهني لا يطبق ويتجاهل كثيرا وهو قياس إنتاجية الموظفين جميعا وفق رؤية تلك المؤسسات وأهدافها، فالبعض من هؤلاء الموظفين يمثل بطالة مقنعة تنعكس آثارها على المؤسسة وما يرتجى منها من عمل يسهم في راحة المواطن وزيادة رفاهيته، وللأسف فإن الأعراف والتقاليد الاجتماعية البالية تعزز من حضور هؤلاء المقصرين، بل إنها تدفع بالمبادئ الخاطئة لتصبح شعارات يتم تداولها داخل أروقة تلك الإدارات بضرورة غض الطرف عن هؤلاء والإمساك عن محاسبتهم وتنظيمهم، كونهم خلق الله والخالق أولى بهم!

يقابل هذا التسيب تركيز آخر على بعض الموظفين المنتجين، فينحو بعض المديرين مكرها أو اختيارا على اصطفاء مجموعة منهم وجعلهم الأساس للحضور والإنتاجية، والأخيرة لا تعني الكمال ولو بنسبة ضئيلة على سلمها، ولكنها تعني بقاء المنظومة حية بمقاييس الإنتاجية الضعيف والمتعارف عليه.

بعض المديرين يرسخ التسيب ويجعله القاعدة، وهنا يصبح المنتج أسيرا لنماذج وظيفية متسيبة ومتكتلة ومتكاملة، متكتلة كمجموعات تحتسب الحضور والانصراف خدمة لحفظ بقائها، ومتكاملة في التستر على الخلل وإعادة تزويقه وترتيبه ليكون المثال ويكون الشاهد والخبر.

أنظمة العمل والخدمة المدنية

لم تترك شيئا إلا وأتت عليه بمادة نظامية وتفصيل دقيق يرسخ مفهومها وممارستها، ويظل العيب في المديرين ومن ينعم بظلهم الوارف في تعطيل هذه القيم النظامية، وجعلها مجرد نصوص لا تحضر ولا تستحضر إلا في حالات ضيقة جدا.

البلد يمر بمنعطف تنموي كبير، ورؤية 2030 تنحو إلى إعادة ترتيب مشهدنا الحياتي بأكمله، ومن ضمنه مؤسساتنا الخدمية التي ما زالت تترنح مكانها إن لم تكن تتراجع نتيجة لسياسات أفراد وأعراف اجتماعية ووظيفية رسخت الكسل والإهمال وتعطيل مصالح الناس قاعدة، فيما الإنتاجية وشهودها ومشهدها معطلة ومتعطشة لحراك إداري صارم يضع هذه المؤسسات على الطريق الصحيح، لتصل بنا وبالمجتمع إلى مرافئ التقدم والرقي والنجاح.

@alaseery2