طارق جابر

استئصال العقد اللمفاوية

الخميس - 14 نوفمبر 2019

Thu - 14 Nov 2019

يجري الدم من القلب إلى الأعضاء والأطراف عبر الشرايين محملا بالأكسجين والمواد الضرورية، ثم يعود مرة أخرى إلى القلب عن طريق الأوردة محملا بثاني أكسيد الكربون وبعض المواد الواجب التخلص منها. عملية استخدام الدم في الخلايا ونزع الأكسجين منه وتحميله بالكربون والفضلات تتم بواسطة النقل من وإلى الخلايا عبر السائل الذي يرشح من الأوعية الدموية، والذي سيكون أساس السائل اللمفاوي ويحتوي على كريات الدم البيضاء ويخلو من الكريات الحمراء.

يعود هذا السائل مرة أخرى إلى الأوردة بعدما يتجمع في شعيرات تتجمع في شبكة أكبر من الأوعية اللمفاوية شبيهة بشبكة الأوردة ومرادفة لها إلى أن تتجمع هذه الأوعية في قناتين رئيستين تصبان في اليمين واليسار لتعود إلى الدم.

يقوم السائل اللمفاوي بجمع الفضلات من الخلايا وإعادتها إلى الدم من خلال نظام متكامل اسمه الجهاز اللمفاوي الذي يحتوي إلى جانب الشعيرات اللمفاوية على محطات للتنقية تسمى العقد اللمفاوية (يسميها البعض الغدد اللمفاوية) وبعض الأنسجة أيضا، كالطحال والغدة الزعترية واللوزتين ونخاع العظام.

العقد اللمفاوية منتشرة في كل مكان في الجسم، ويمكن الإحساس بها في الرقبة وتحت الإبطين وأعلى الفخذ (المنطقة الإربية)، قد تكون صغيرة جدا في حجم حبة الرز أو أكبر كحبة الحمص وتكون أوضح كلما كان الإنسان نحيلا.

يلعب الجهاز اللمفاوي دورا محوريا في المناعة، حيث إنه يضم الخلايا اللمفاوية التي تلعب دورا رئيسا في محاربة العدوى والفيروسات والبكتيريا.

وبما أن السائل اللمفاوي الوارد من الأنسجة تجري (فلترته) وتنقيته في العقد اللمفاوية فإنه من الطبيعي أنه في حال وجود ورم سرطاني في هذه الأنسجة أن يتم حجز الخلايا السرطانية المتناثرة من هذا الأورام في أول عقد لمفاوية تقابلها. هذا هو الحال في معظم السرطانات، ولكن ليس كلها، وليس في كل الأحوال، فبعض السرطانات تنتشر عن طريق الدم وليس عن طريق السائل اللمفاوي. وجد العلماء أن الأورام التي تهاجر خلاياها عن طريق السائل اللمفاوي لا تنتشر في باقي الجسم قبل أن تستقر وتنمو في العقد اللمفاوية التي في الطريق أولا في غالب الأحيان.

هذه الحقائق جعلت الجراحين يصلون إلى قاعدة أن الاستئصال الكامل للأورام التي تنتقل لمفاويا كأورام الثدي والجهاز الهضمي وغيرها يتطلب أن يتم استئصال العقد اللمفاوية المرتبطة بالعضو المزال، أو على الأقل التأكد من استئصال أهمها، والتأكد من خلوها من المرض كما هو الحال في جراحة أورام الثدي. وقد حدد العلماء الحد الأدنى من العقد اللازم استئصاله لكل عضو قبل أن يعتبر الاستئصال كاملا، وهذا الرقم يختلف من عضو إلى آخر.

أحيانا يجد الأطباء أنه من غير الممكن إزالة العقد اللمفاوية، يمكن في هذه الحالة علاجها بالإشعاع للقضاء على أي خلايا سرطانية. وأحيانا تؤخذ عينة من الغدد دون إزالتها للتأكد من التشخيص، كما أن العقد اللمفاوية والجهاز اللمفاوي نفسه معرضان للإصابة بالسرطان، مما ينتج عنه أيضا تورم في العقد اللمفاوية كما في مرض (الليمفوما). وفي هذه الحالات لا يكون العلاج بالجراحة ولا باستئصال العقد المصابة، بل يستخدم العلاج الكيميائي.

في الختام، من الضروري جدا أن نذكر أن انتفاخ العقد اللمفاوية وبروزها يحدث لأسباب كثيرة، كالالتهابات والجروح وغيرها، وليس بالضرورة لأسباب ورمية، وغالبا ما يختفي من تلقاء نفسه.

drtjteam@