عبدالله الأعرج

نظام الجامعات الجديد.. الانتفاضة على النمطية!

الأحد - 10 نوفمبر 2019

Sun - 10 Nov 2019

ابتهجت جدا بنظام الجامعات الجديد الذي سيعجل بحول الله حضور الجامعة السعودية في المشهد المحلي كمنافس من الوزن الثقيل لكثير من الدور الأكاديمية العالمية.

وابتهجت بنظام الجامعات الجديد لأنني أؤمن تماما أن النظام الجامعي الجديد يبين أدوار هذه المؤسسات التي يجب أن لا تكون استنساخا من نظام التعليم العام الذي يحمل أهدافا تناسب المرحلة العمرية لطلابه، ابتهجت كذلك لأن الجامعة ستكون موعودة بثورات عقول تضرب في كل اتجاه: اقتصاديا وفكريا واجتماعيا وفلسفيا وتطبيقيا للوصول لمستهدف واحد وهو بلد كبير في آماله كثير بمفكريه.

نظام الجامعات الجديد أتى أيضا ليتمرد على النمطية والرتابة في كثير من مناحي العمل القيادي والأكاديمي على مستوى الإدارات والأقسام التدريسية والكليات الجامعية، لأن الجامعة ليست مكانا سوى للعقول المفكرة والتخصصات النافعة والمواكبة وهي أيضا مضنة استقاء المعرفة الموثوقة والمدروسة والمؤكدة من خلال عمليات مراجعة لا تقبل إلا الرصين والمحكم والمميز.

الجامعة الجديدة ستكون كذلك جوادا في مضمار سباق مع جياد أخرى (جامعات أخرى)، وسيكون هذا السباق أشبه بمجموعة سباقات، منها سباق العدو والسرعة للوصول للأهداف التنموية، وسباق التحمل لقياس جلد وصبر الأكاديميين لبلوغ ذات الأهداف، وسيكون هذا السباق نزيها عادلا موثقا بالإنتاج المشاهد على أرض الواقع من خلال عوائد تجعل جامعة ما الوجهة الأولى لطالب ما، مقابل جامعة أخرى تقبع في آخر القائمة.

الإنفاق الجزئي من قبل الجامعات سيكون أيضا ميزة تنافسية، والاستثمار بتقديري لن يقف حصريا عند عوائد الأوقاف، بل سيتعدى ذلك إلى الاستثمارات الناعمة التي لم تأخذ حقها من العناية، وهي البحوث والدراسات والاختراعات، لتتحول جميعا إلى مشاريع اقتصادية وأفكار ريادية وخطط لسد احتياج الجامعة الجديدة ذاتيا self-fund وفقا للأهم فالأقل أهمية.

الجامعة الجديدة

لن تكون مكانا للتخصصات المشبعة توظيفا والمستفيضة دراسة والممتلئة طلابا، بل ستتحول إلى الانتقائية في التخصصات والدرجات العلمية، وقد يكون من الرائع في هذا الخصوص أن تنطلق نحو تأصيل مفهوم أن الجامعة ليست مكانا لكل التخصصات ولا منبرا لكل الدراسات، بل محضنا علميا يتناسب والاحتياج الوطني والشواغر المناطقية regional vacancies والخطط المستقبلية لوطن يطمح إلى المواكبة والمجاراة لأمهات الدول.

الجامعة بنظامها الجديد سترتدي - بتقديري - ثوبا جميلا، وسيكون هذا التنظيم نقلة نوعية في تحقيق مفهوم التعليم العالي الذي ينشد النوع قبل الكم، والذي يؤكد أن المعرفة ليست ملكا لأحد، وإنما هي خير مشاع لكل البشرية ينعم به الجميع، كذلك ستكون الجامعة مجلسا مفتوحا للاستفادة من الخبرات في القطاعين العام والخاص، وستكون الجامعة الجديدة حينما ينطلق هذا النظام في حراك دائم وعمل دؤوب بكامل طاقمها الإداري والأكاديمي لتتمكن من الصمود في وجه التحديات والمنافسة مع الأقران، وستتحقق المقولة الخالدة والإيجابية: البقاء دوما للأجدر!

dralaaraj@